فازت هيلاري كلينتون بالتصويت الشعبي في انتخابات عام 2016، بفارق بلغ زهاء 3 ملايين صوت، لكن دونالد ترامب فاز برئاسة الولايات المتحدة، لأنه حصل على غالبية الأصوات في المجمع الانتخابي. وكانت المنافسة شديدة التقارب بدرجة استثنائية. ويمكن إرجاع فوز ترامب إلى الهوامش الضئيلة جداً في الأصوات التي حصدها في ثلاث ولايات رئيسة، فقد فاز في ولاية بنسلفانيا بفارق 68 ألف صوت في ولاية لم تُصوّت لمرشح جمهوري منذ عام 1988. وبالمثل كان انتصاره في كل من ولايتي ويسكونسن وميتشيغان بهامش ضئيل جداً (27 ألفاً و12 ألفاً على التوالي). ولم تكن ميتشيغان قد صوتت لأي مرشح جمهوري منذ عام 1984.
وما زاد من سوء حظ هيلاري حقيقةً، أن اليساري المتطرف «جيل شتاين»، مرشح حزب «الخضر» الأميركي، فاز بـ22 ألف صوت في ويسكونسن، و49 ألفاً في بنسلفانيا، و51 ألفاً في ميتشيغان. وزعمت حملة هيلاري أن مشاركة شتاين في الانتخابات شتت الأصوات، وكانت عاملاً رئيسياً في فوز ترامب، رغم أن بعض استطلاعات الرأي تشير إلى أن ناخبي شتاين ما كانوا ليصوتوا لكلينتون من الأساس. بيد أن الديمقراطيين يعتقدون أنه إذا لم يخض مرشح يساري من حزب ثالث انتخابات 2020، فإن مرشحهم ينبغي أن يتمكن من الفوز في الولايات الثلاث المهمة، ومن ثم الفوز بانتخابات الرئاسة الأميركية. لكن هل أملٌ مثل هذا يعد واقعياً؟
بالطبع، إذا ما أخذت العوامل التالية أيضاً في الحسبان:
أولا؛ في 2016 كانت مشاركة الأميركيين من أصول أفريقية، والشباب الذين صوتوا لمصلحة هيلاري أقل بكثير ممن صوتوا منهم لمصلحة باراك أوباما في 2012.
ثانياً؛ لم تكن هيلاري مرشحة تحظى بشعبية كبيرة، لا سيما بين النساء البيض من المتعلمات اللاتي كن يعتقدن أنها تتصرف كما لو أنها صاحبة حق في الفوز بالرئاسة لمجرد أنها امرأة، ولأنها شغلت وظائف حكومية سابقة مثل منصب وزير الخارجية في إدارة أوباما.
ثالثاً؛ هناك عدد من الناخبين الديمقراطيين كانوا مقتنعين تماماً بأن هيلاري ستفوز بالانتخابات، فلم يُكلّفوا أنفسهم عناء الذهاب إلى مراكز الاقتراع.
والمختلف الآن، هو أن الديمقراطيين الغاضبين من أداء ترامب كرئيس سيشاركون بأعداد كبيرة، ولن يُكرروا تخاذلهم عن المشاركة في التصويت كما فعلوا في انتخابات عام 2016. والدليل على ذلك، هو استطلاع رأي سابق يظهر تراجع معدلات تأييد ترامب بين الناخبات من البيض في الضواحي الأميركية بصورة استثنائية، ويؤكد أن هدفهن في الانتخابات المقبلة هو التخلص من رئاسة ترامب، بغض النظر عن من سيختاره الديمقراطيون كمرشّح لمنافسته.
ومن الإحصائيات الأخرى المزعجة لترامب حقيقةً، أن عدداً كبيراً من شباب الناخبين الجمهوريين أصبحوا قلقين بدرجة كبيرة من مخاطر التغير المناخي، وحقيقةً أن كثيرين في القيادة العليا في حزبهم من «منكري التغير المناخي»، بما في ذلك الرئيس ترامب نفسه الذي سحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس المناخي الموقّع عام 2015. ويبدو أن الجمهوريين غير مدركين أن الشباب تدفعهم زيادة الوعي بأثر التغير المناخي، والحاجة إلى معالجة القضية باعتبارها أزمة دولية تتطلب تعاوناً عالمياً.
ومن المحتمل أن يؤثر موقفهم على آبائهم، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية، وهو ما لا ينذر بخير للإدارة الأميركية الراهنة.
وهناك قضية أخرى، جذبت قدراً كبيراً من اهتمام الأميركيين الشباب، هي استمرار حوادث إطلاق النار الجماعية باستخدام أسلحة نارية أوتوماتيكية، وإخفاق الإدارة في العمل على إصدار قوانين جديدة، خاصةً بالأسلحة تقيد سهولة شراء مثل هذه الأسلحة التي تستخدم لأغراض عسكرية.
وكثيراً ما يستخدم الديمقراطيون مأساة عنف إطلاق النار الجماعي باستخدام الأسلحة النارية الفردية كقضية انتخابية، وللمرة الأولى منذ جيل كامل يكونون على استعداد لمواجهة مُصنّعي الأسلحة وقوى الضغط البارزة وراءهم، والتي يمثلها «الاتحاد القومي للأسلحة»، وذلك بصراحة ووضوح، وفي إطار حملتهم لدعم قوانين جديدة تُقيّد استخدام الأسلحة.
وبالطبع، هناك قضية واحدة يمكن أن تصب بقوة في مصلحة ترامب، ألا وهي الاقتصاد. فطالما ظلت معدلات البطالة عند مستويات منخفضة، واستمر ارتفاع ثقة المستهلكين، فيمكن لترامب أن يؤكد أنه الرئيس الأكثر قدرة على الحفاظ على الازدهار. لكن إذا تراجع الاقتصاد، بسبب حرب الرسوم الجمركية ضد الصين ودول أخرى، فإن فرص فوزه في انتخابات 2020 ستنحسر انحساراً شديداً.