رغم طغيان المادة وتحول الإنسان في العالم الصناعي المعاصر إلى «آلة صماء»، تعمل من أجل الإنتاج واحتياجات الجسد فحسب، خاصةً بعد سيطرة الإعلام وأجهزته على العقول والقلوب، من اللافت للنظر اتساع رقعة الإسلام، وتعطش كثير من الغربيين للدخول فيه. وربما كان الطبيب الفرنسي، موريس بوكاي، دقيقاً في توضيح ذلك عندما قال: «إن المعطيات الخاصة بالإسلام مجهولة عموماً في بلادنا الغربية، ولا يدهشنا ذلك إذا تذكرنا الطريقة التي اتبعت في تثقيف الأجيال، فيما يتعلق بالقضايا الدينية لدى الإنسان، وكيف طغى عليهم الجهل بكل ما يتصل بالإسلام». ويتابع بوكاي: «إن كثيراً من الانطباعات لدى الغربيين بشأن الإسلام مبنية على مفاهيم مغلوطة، لذلك فهم يظلون على عدم معرفتهم بحقيقته».
تلك الظاهرة استرعت انتباه الباحث «شادي خلف»، فقام بجمع معلومات حول 16 حالة ليهود اعتنقوا الإسلام، وأصدر كتابه بعنوان «هجروا اليهودية واعتنقوا الإسلام»، كاشفاً عن الجوانب الحقيقية في حياتهم الجديدة وقد أسلموا. وتكمن أهمية الكتاب في كونه شهادة من اليهود أنفسهم، حيث تقول «مريم جميلة»، الأميركية التي كان اسمها قبل أن تسلم «مارجريت ماركوس»: «لقد آمنت بالإسلام لأنه الحق، ولم أدخله لأنه يعطيني حقاً كامرأة افتقدته في بيئتي الغربية أو يمنحني الملاذ من حضارة لم أتكيف معها». وهي تربط دخولها في الإسلام بالتسامح الذي يطبع تعاليمه: «في ظل التسامح الإسلامي عاش اليهود داخل الحضارة الإسلامية أحراراً، وانطلقت ملكاتهم الفكرية في إطار عقائدهم، لأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي أوجد أمة تحكمها الدوافع الأخلاقية والدينية». وتؤكد «مريم» أنها صدمت باحتفال أبويها بقرار تقسيم فلسطين وبإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين. وذكرت أن ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيل، لا يؤمن «بإله»، ولم يدخل قط معابد اليهود، ولا يعمل بالشريعة اليهودية، ولا يراعي عادات وتقاليد الشعب اليهودي.
ويقول السويسري «ليوجولد فانس»، الذي انتقل من اليهودية إلى الإسلام، وأصبح اسمه «محمد أسد»: «كلما ازددت فهماً لتعليم الإسلام ازددت تساؤلاً عن السبب الذي دفع مسلمي اليوم إلى هجرة تطبيقها، لقد ناقشت هذه المشكلة مع كثير من المسلمين في جميع البلاد التي زرتها، من طرابلس الغرب إلى هضبة البسامير في الهند، ومن البسفور إلى بحر العرب.. فطغى السؤال في نفسي على سائر أوجه اهتماماتي الثقافية بالعالم الإسلامي، ثم ازدادت رغبتي في ذلك، وصرت أتكلم إلى المسلمين مشفقاً على الإسلام من إهمال أهله وتراخيهم».
كان «محمد أسد» ينظر إلى فكرة الصهيونية، وإنشاء دولة يهودية في الشرق الأوسط على أنها فكرة مجنونة وغير منطقية، ويرى أنها لا تخدم غايات الدين اليهودي وأتباعه.
ومن هؤلاء أيضاً «مايكل وولف»، وهو كاتب ومخرج سينمائي، بعد ثلاث سنوات من الإقامة في المغرب والبحث والكتابة، قرر العودة إلى كاليفورنيا، وهناك تابع مشوار البحث حول الإسلام وتعاليمه، قبل أن ينطق بالشهادتين ويبدأ ممارسة شعائر الإسلام، حيث قرر العودة مرة أخرى إلى المغرب ليتعلم أحكام الحج، وليقوم بتصويره في فيلم وثائقي يصل إلى كل الناس، ليروا تعاليم الإسلام الصحيحة، التي شوهها الإرهاب كما شوهها أيضاً الإعلام الغربي المغرض.

*كاتب إماراتي