بالتوازي مع الأعباء والمسؤوليات الإقليمية التي تتحملها الإمارات، تتزايد الحملات المغرضة ويكثر نشر التقارير الإعلامية التي تبني معلوماتها على أوهام وتصورات كيدية. وبشأن الملف اليمني وما جرى ويجري في عدن تحديداً، يبقى موقف دولة الإمارات واضحاً، كما أن الحقائق والجهود الإماراتية تسقط كل تخرصات من أدمنوا الاصطياد في الماء العكر.
لقد واجهت الإمارات رغم تضحياتها في اليمن الكثير من العبث الإعلامي، وبدلاً من الإشادة بدورها الريادي على المستويين العسكري والإغاثي، نجد أن مسار بعض التناولات الإعلامية ينحرف نحو تحميلها مسؤوليات مجافية للواقع والمنطق.
ويدرك الجانب الإماراتي جيداً أهمية الفصل بين حدود مسؤولياته تجاه اليمن وبين القضايا والتراكمات المتصلة بالشأن الداخلي اليمني. لكن بعضهم فيما يخص التحركات الشعبية الأخيرة في عدن والمحافظات اليمنية الجنوبية، يصر على أن الإمارات تقف خلف هذا الأمر. بينما نرى أن هذا شأن يمني داخلي، وأن خلفياته سابقة زمنياً للدور الإماراتي الداعم للشرعية. وليست الإمارات مخولة بضبط الإيقاع الشعبي وإزالة الاحتقانات الداخلية المزمنة المتصلة بالشأن الداخلي اليمني.
ندرك أن الوضع في اليمن ما يزال معقداً، ويتطلب المزيد من الجهود المكثفة للوصول بالإنجازات العسكرية المتحققة إلى طريق السلام والاستقرار. لكن بعضهم يتناسى وجود تعقيدات سابقة ومتراكمة منذ عقود، وأن حضور الدور الإماراتي منذ عام 2015 جاء ضمن تحالف دعم الشرعية اليمنية، بقيادة المملكة العربية السعودية، ويتلخص بمسؤوليات محددة، تتركز في دحر الانقلاب الحوثي وتحرير الأراضي اليمنية، ودعم الشرعية، وتطبيع الأوضاع ومساعدة السكان في المناطق المحررة من الميليشيات. وقد قامت الإمارات بالفعل بدور لا يستهان به في هذا الإطار. لكن الإعلام المغرض لا ينظر إلى الإنجازات، بل يبحث عن الثغرات أو يخترعها، ويريد من يقفون وراءه تحميل الإمارات المسؤولية عن كل الأخطاء والتداعيات التي نتجت عن عقود سابقة من الفساد وسوء الإدارة.
ولا شك أن في مقدمة أهداف العبث الإعلامي حول الملف اليمني، تلك المحاولات المتكررة لضرب العلاقات الأخوية المتينة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. ويدرك المتابع وجود أصابع قطرية لم تكف عن السعي لتخريب العلاقات الإماراتية السعودية. في حين جاء الرد الإماراتي ليخيب آمال الحاقدين، من خلال الزيارة التي قام بها إلى السعودية، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وقد لا يعلم بعضهم أن جهود يوم واحد يبذلها الهلال الأحمر الإماراتي في اليمن، تقدم الكثير من الخدمات الطبية والغذائية للسكان، لكنها لا تحظى بتغطية إعلامية، بينما يتفرغ الإعلام الحاقد للإساءة إلى الإمارات بانتظام.
لقد كان الموقف الإماراتي واضحاً ومتسقاً مع الجهود الداعمة للشرعية في اليمن، وعقب المواجهات المسلحة في عدن مؤخراً دعت الإمارات إلى التهدئة وعدم التصعيد والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين اليمنيين. وجاء الموقف الإماراتي على لسان سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، حيث أكد سموه على ضرورة تركيز جهود جميع الأطراف على الجبهة الأساسية ومواجهة ميليشيات الحوثي الانقلابية والجماعات الإرهابية الأخرى والقضاء عليها. كما دعا الموقف الإماراتي بشكل رسمي المبعوث الأممي إلى اليمن لبذل جهوده في الضغط لإنهاء التصعيد لما له من تداعيات سلبية على الجهود الأممية لتحقيق الأمن والاستقرار عبر المسار السياسي والحوار والمفاوضات.
وبالطبع اتخذت الأحداث المسار الذي اعتاد اليمنيون عليه شمالاً وجنوباً، وهو استخدام لغة الحشد والتظاهر، بينما يؤكد الواقع أن لغة الحشود والتظاهرات أصبحت موضة قديمة ولم تعد مجدية، وسبق أن استخدم الرئيس السابق علي عبدالله صالح هذا الأسلوب، إذ كان يستعرض جمهوره في صنعاء باستمرار، وفي النهاية واجه مصيره منفرداً. وكذلك فعل ويفعل الحوثي.
إن الأولوية التي يجب أن يركز عليها اليمنيون في الوقت الراهن للتعاون مع من يساعدونهم على استعادة الاستقرار، تتطلب الابتعاد عن الأطراف التي تستغل الملف اليمني للعبث بأمن اليمن والخليج. فهناك أذرع إعلامية مشبوهة تنفق الكثير من الأموال في سبيل الخروج بقصص إعلامية كيدية، على حساب أمن المنطقة وشعوبها.

*كاتب إماراتي