الرئيس دونالد ترامب سيذكره التاريخ باعتباره الرئيس الذي فرض سيطرة على المسدسات. فقد كشف ترامب يوم الجمعة الماضي أنه يؤيد حالياً فحص السجل الجنائي والبيانات الشخصية لمشتري المسدسات. وأقر بأن الجهود السابقة لإقرار مثل هذه الإجراءات عبر الكونجرس لم تمض بشكل جيد. لكن الرئيس أعلن «لم يكن هناك قط رئيس مثل الرئيس ترامب». وهذا صحيح! فما علينا إلا أن ننظر إلى سجله الفريد في التحكم في المسدسات. فقبل أربعة أيام فحسب من تعهده بإقرار عملية فحص سجلات المشترين، تجاهل ذكر ذلك في كلمته للأمة بعد مذابح الباسو في تكساس ودايتون في أوهايو. بل ألقى باللائمة على الكراهية والمرض الذهني وألعاب الفيديو.
في وقت مبكر من ذاك اليوم، في تدوينة على «تويتر»، لم يذكر ترامب الفحص الأمني للمشترين، لكنه أعلن أنه يجب على الكونجرس وضع أي عمل مع إصلاح الهجرة مع إجراء آخر. وفي فبراير الماضي، أقر مجلس النواب، في الواقع، مشروع قانون يدعو إلى عمليات فحص موسعة للبيانات والتحري الأمني. لقد كان هذا أول عمل جاد في الكونجرس في الإصلاحات في ربع قرن ربما لإثبات أنه لم يكن هناك رئيس قط مثل الرئيس ترامب. لكن للأسف عارض ترامب الإجراء. والواقع أنه هدد بنقضه إذا أقره مجلس «الشيوخ». وجاء في مذكرة صادرة عن البيت الأبيض «السماح للحكومة الاتحادية بتقييد مشتريات الأسلحة النارية من خلال التأخير البيروقراطي سيقوض ضمان التعديل الثاني بأن من حق المواطنين الملتزمين بالقانون امتلاك وحمل الأسلحة كأفراد».
لكن انتظروا! قبل عام واحد فقط من هذه المذكرة، كان ترامب يؤيد الفحص الأمني لممتلكي الأسلحة. ففي 22 فبراير 2018، بعد أن قتل مسلح 17 شخصا داخل مدرسة في باركلاند بولاية فلوريدا، اجتمع ترامب في البيت الأبيض مع الطلاب والآباء ومعلمي المدرسة. وطمأن ترامب المجموعة قائلاً: «أريد أن أقول فحسب قبل أن نبدأ بالتحريات الأمنية، نؤكد بقوة شديدة على الصحة الذهنية للأشخاص. وسنقوم بأمور أخرى كثيرة».
وبعد ذلك ببضعة أيام، أكد على إرادته القوية تلك أثناء اجتماع مع أعضاء من الكونجرس. فأثناء الجلسة تهكم ترامب على المشرعين الذين «شلهم الخوف» من «الاتحاد القومي للأسلحة» الذي لا يمارس نفوذاً عليه كرئيس. وعبر ترامب عن استيائه من أنه «لم يحدث شيء في كل هذه السنوات». وفسر عدم التحرك في هذه السنوات بأنه: لم يكن هناك قط رئيس مثل الرئيس ترامب. وأعلن قائلاً: (حان الوقت أن يتقدم رئيس، فلم يفعل أحد منهم شيئاً من قبل. إنني أتحدث عن الرؤساء «الديمقراطيين» و«الجمهوريين». إنهم لم يتقدموا لفعل شيء). وقدم ترامب وصفتَه قائلاً: «يتعين علينا أن نبعد المسدسات عن أيدي الذين يمثلون تهديداً وهذا يتضمن تحرياً أمنياً قوياً». وطلب من أعضاء الكونجرس فرض «جزاءات كبيرة وقوية للغاية».
وكي يتأكد أنهم فهموا ما يعنيه، كرر عزمه الذي لا يتزعزع قائلاً «يتعين عليكم أن تكونوا صارمين جداً فيما يتعلق بالتحريات الأمنية وألا تجفلوا... اعتقد حقاً أنه يتعين أن يكون الفحص قويا للغاية. أفضل أن تكونوا في جانب القوة وليس الضعف. أفضل أن تقدموا مشروع قانون قوياً للغاية. وفحصا قويا حقا للتحريات الأمنية». ثم اجتمع مسؤولون من الاتحاد القومي للأسلحة مع ترامب بشكل خاص في المكتب البيضاوي. وحين نشر البيت الأبيض خطته للأسلحة في الشهر التالي، كان أبرز اشتراط هو تدريب معلمي المدارس على الأسلحة وليس فحص التحريات الأمنية.
وفي مايو الماضي، حين خاطب ترامب المؤتمر السنوي للاتحاد القومي للأسلحة في دالاس، عاد إلى قناعاته الأصلية. محذرا من أن «حقوقكم في التعديل الثاني من الدستور تتعرض لحصار». ووعد بأنها «لن تقع أبداً تحت الحصار ما دمت رئيسكم». والواقع أن ترامب وقع بالفعل مشروع قانون للتحكم في الأسلحة. وفعل ذلك بعد شهرين من توليه المنصب دون صحفيين أو كاميرات تسجل الحدث. وكان من شأن مشروع القانون أن يلغي مشروع قانون وقعه أوباما يفرض درجة إضافية من الفحص قبل أن يتمكن بعض المصابين بأمراض ذهنية من امتلاك أسلحة.

*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»