حينما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، خلال مشاركته في جانب من الحلقة الشبابية الإماراتية-الصينية، التي استضافتها جامعة «تسينغهوا» الصينية في العاصمة بكين قبل أيام «إن الجانبين يضعان بصمات خريطة طريق لـ100 سنة مقبلة، وبدأنا خطوات لتعليم اللغة الصينية في أكثر من 200 مدرسة بدولة الإمارات»، فإنما يعبر عن الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة لتعليم اللغة الصينية، باعتبارها النافذة التي يمكن من خلالها تعزيز الانفتاح على الثقافة الصينية وتجربتها التنموية.
وفي السياق ذاته، أعلن معالي حسين بن إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم مؤخراً، أن الوزارة تستعد للتوسع في نطاق تدريس اللغة الصينية في مدارس الدولة، مشيراً إلى أن 200 مدرسة سوف تدرّس اللغة الصينية خلال السنوات القليلة المقبلة، وفق خطة مدروسة تراعي أفضل معايير التعليم والتعلم في هذا المجال.
وكشفت الوزارة في وقت سابق من شهر يوليو الجاري أن تطبيق منهاج اللغة الصينية في مدارس الإمارات سيُطبّق ابتداء من العام الدراسي 2019-2020 وسيشمل طلاب الصف السابع حتى الثاني عشر على أن يتم التطبيق في المرحلة الأولى على 60 مدرسة، وستكون مستويات اللغة الصينية التي ستطبق في المناهج الإماراتية موائمة لاختبارات المهارة المعتمدة والموحدة للغة الصينية.
ولا شك أن الاهتمام الذي توليه الدولة لتعليم اللغة الصينية في مدارسها المختلفة يواكب التوجه الإماراتي نحو الانفتاح على التجربة الصينية الرائدة في مجال التنمية، والتي تعد بالفعل نموذجاً يحتذى به في النجاح والإنجاز وبناء اقتصاد معرفي يعتمد على الكوادر البشرية المؤهلة في مجالات العلوم والمعارف العصرية والتكنولوجيا الحديثة. ولعل ما يضاعف من أهمية هذا التوجه أن هناك اهتماماً وتفاعلاً من جانب الطلاب وأولياء الأمور بتعلم اللغة الصينية، وامتلاك أدواتها المختلفة، بالنظر لما تتيحه من فرص نوعية للطلاب للتخصص في المجالات المعرفية والعلمية الدقيقة التي حققت فيها الصين إنجازات نوعية دقيقة في السنوات الماضية، حيث تأتي الصين الآن في صدارة الاقتصادات المتقدمة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، خاصة الذكاء الاصطناعي.
لقد اتخذت وزارة التربية والتعليم العديد من الخطوات المهمة على طريق تعليم اللغة الصينية، سواء من خلال زيادة حجم التعاون الأكاديمي مع الجهات الصينية المختصة أو من خلال استقطاب المزيد من المعلمين الصينيين، بهدف تمكين الطلبة المواطنين من اللغة الصينية تمهيداً لابتعاثهم للدراسة هناك للنهل من معارف الصين وتاريخها وحضارتها العريقة، أو من خلال إيفاد وابتعاث الطلبة المواطنين للدراسة في أعرق الجامعات الصينية.
وإذا كانت الثقافة هي أهم روافد قوة العلاقات الإماراتية-الصينية، فإن اللغة تشكل أهمية خاصة في هذا المجال، وذلك لكونها تساعد على استكشاف ملامح الثقافة الصينية التي باتت مثار اهتمام العالم خلال السنوات القليلة الماضية.
وفي الوقت ذاته، تولي الدولة اهتماماً بتعليم اللغة العربية في الصين منذ أيام المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أدرك منذ وقت مبكر أهمية اللغة والثقافة في التقريب بين الشعوب، فقام بتأسيس «مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية» بالعاصمة بكين، والذي يمثل اليوم نافذة ثقافية وفكرية مهمة، يتعرف من خلالها الشعب الصيني إلى الثقافة العربية، كما يسهم بدور حيوي في مد جسور التقارب الثقافي بين الصين والدول العربية، فضلاً عن دوره في تخريج كفاءات مهنية من دارسي اللغة العربية الذين سيعملون على توطيد العلاقات بين الدولتين.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.