على مدار العقود القليلة الماضية، اعتمدت مدن صغيرة شمال مدينة نيويورك ووسط الولايات المتحدة على اللاجئين في شغل وظائف حين ترك الأميركيون مدنهم وتوجهوا إلى السواحل والمدن الكبيرة. والآن مع وصول عدد اللاجئين إلى أدنى مستوى تاريخي له، تتوقف التنمية الاقتصادية في هذه المدن. فقد تضررت مدينة أكرون بولاية أوهايو، كثيراً، مثل مدن كثيرة في الغرب الأوسط، بعد أن بدأت الوظائف في السيارات والتصنيع تختفي في بداية العقد الأول من القرن الحالي. وغادر عدد كبير من العمال إلى المدن الأكبر من أجل فرص أخرى.
لكن بين عامي 2007 و2013، تزايد سكان أكرون الذين ولدوا في الخارج بنسبة 30%. وفي 2013 كان سكان أكرون من المهاجرين يمتلكون 137 مليون دولار بعد خصم الضرائب، وقد دفعوا نحو 17 مليون دولار كضرائب للمدينة والولاية وكان أكثر من ثلثهم يمتلكون منازل. والزيادة في عدد السكان من المهاجرين ترجع في جانب كبير إلى استقبال أكرون للأسر الوافدة من خلال البرنامج الأميركي لإعادة توطين اللاجئين. لكن الآن، وبعد تقليص اتحادي في قبول اللاجئين، توقف هذا النمو. وفي 2018، استقبلت أكرون أقل من 200 لاجئ مقارنة بأكثر من 900 عام 2016.
وتواجه المدن في شمال نيويورك موقفاً مشابهاً. فقد ذكر تقرير المحقق المالي للولاية أنه بين عامي 1950 و2000، فقدت مدن مثل روكستر وسيراكوز نحو 30% من سكانها، كما فقدت مدينة يوتيكا 40% من سكانها، وفقدت بافلو نصف سكانها. وفي السنوات القليلة الماضية، بدأ قبول اللاجئين يعوض تراجع عدد السكان. لكن تجيد حيوية السكان توقف الآن. واستقبلت ولاية نيويورك على امتدادها 1362 لاجئاً العام الماضي مقارنة مع 5830 لاجئاً عام 2016.
واللاجئون يدعمون هذه المدن بالكفاءات ويجعلونها قادرة على الصمود. وذكر تقرير لصحيفة محلية أنه بين عامي 2013 و2015، كان النصف من بين أفضل عشرة طلاب في كل مدرسة عليا بيوتيكا من اللاجئين.
وكل هذا يناقض الخرافات المنتشرة التي مفادها أن اللاجئين يستنزفون الاقتصاد الأميركي. إنهم مثل المهاجرين الآخرين، يساهمون في عائدات الضرائب أكثر مما يحصلون عليه من إعانات حكومية. وفي عام 2017، توصل تقرير للأكاديميات القومية للعلوم والهندسة والطب أن الهجرة «لها تأثير إجمالي إيجابي على النمو الاقتصادي على المدى الطويل في الولايات المتحدة». كما وجد الاقتصاديون في جامعة نوتردام أن ما يساهم به اللاجئ في الضرائب، بعد وصوله بعشرين عاماً، يفوق الكلفة الإجمالية لإنفاق الحكومة عليه بنحو 21 ألف دولار في المتوسط.
ومعظم الاقتصاديين يتفقون على أن اللاجئين لا ينتزعون الوظائف من الأميركيين بل يدعمون هم والمهاجرون الآخرون الاقتصاد بشغل وظائف لولاهم لظلت شاغرة. وأكثر من نصف الشركات الأميركية الناشئة الواعدة التي قيمتها أكثر من مليار دولار تعود لمهاجرين جاؤوا كلاجئين. لذلك فالمهاجرون لا يأخذون الوظائف بل يخلقونها.
والإدارة الأميركية الحالية لم تقلص فقط سقف اللاجئين، وإنما تقبل عدداً أقل بكثير من السقف المسموح به. وفي 2018، حدد البيت الأبيض الحد الأقصى للاجئين عند 45 ألفاً، لكنه انتهى بتوطين أقل من 23 ألفاً. وبلغ الحد الأقصى لعام 2019، نحو 30 ألفاً. ومنذ مارس الماضي، قبلت إدارة ترامب 12151 لاجئاً فقط. وذكرت تقارير حديثة أن الإدارة تفكر في الوصول بالعدد إلى صفر عام 2020.
نحن نحتاج في عام 2020 إلى 75 ألف لاجئ على الأقل لصالح اقتصادنا. لكن الأهم من هذا، أن هذه الأرقام تعكس التزامنا بقيمنا العقائدية مثل التعاطف والاحتواء التي شكلت هوية هذا البلد، وأيضاً قيمة تقديم ملاذ آمن للفارين من العنف والاضطهاد.

تيم برين* وسكوت اربيتر**

*الرئيس التنفيذي لمنظمة «وورلد ريليف»المسيحية للمساعدات الإنسانية بولاية ماريلاند
**رئيس المنظمة
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»