تتجه الإمارات شرقاً حيث السور العظيم، يلتف حول الكرة الأرضية ليربطها بخيط من حرير. حضارة عريقة وتجارة مربحة واقتصاد يعتلي المركز الثاني عالمياً، بعد أن أزاحت اليابان عن هذا المكان، ولديها خطة استراتيجية لإزاحة أميركا عن المركز الأول بحلول عام 2030.
الإمارات الشريك الاستراتيجي للصين في مشروع «طريق الحرير»، الذي يمر بـ 65 دولة حول العالم براً لأول مرة في تاريخ البشرية المعاصر، وقد وصل أول قطار شحن ضمن هذا المشروع العملاق إلى بريطانيا منذ فترة قصيرة.
ولقد قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي،  بتعزيز هذه الشراكة الاستراتيجية في 26 أبريل عام 2019 خلال مشاركته في فعاليات منتدى «الحزام والطريق» في بكين. فقد شهدت مشاركة سموه إطلاق مجمع «سوق التجار» الذي سيتم إنشاؤه في إمارة دبي لتخزين وشحن البضائع الصينية إلى جميع أنحاء العالم، الذي سيتحول من خلال هذا الطريق إلى ما هو أصغر من مجرد قرية وخاصة بعد اختزال المسافات واختصار الأوقات، والذي من شأنه إحداث فروقات جوهرية في أسعار السلع والبضائع لصالح المستهلك والتاجر في آنٍ واحد.
تشترك الإمارات والصين في اتباع نهج الانفتاح على العوالم الأخرى منذ النشأة الغابرة، وليس فقط وقت تأسيس الدولة الاتحادية.
أستطيع أن أجزم بأن الإمارات المكان الوحيد في العالم يسكنه حوالي عشرة ملايين نسمة في تنوع سكاني وعيش مشترك منقطع النظير، فهم أيقونة إنسانية تجمع أكثر من 200 جنسية في بوتقة واحدة لا يشعرون بأي تفرقة دينية أو عرقية أو طائفية، ما عدا فروقات فردية، يثبت الفرد ذاته في المجتمع مع مساهمة الجميع في الارتقاء بالدولة ومشاركتهم في دفع مشاريع التنمية المستدامة قدماً إلى الأمام.
حصيلة كل ذلك نجده في العلاقات البينية الاقتصادية مع الصين، فهي تعلم جيداً بأن الإمارات تعتبر ثالث أكبر مركز عالمي في إعادة تصدير السلع إلى بقية قارات العالم.
وبناء عليه، فإن الإمارات تُعد مركزاً رئيسياً للمنتجات الصينية، والصين تُعتبر الشريك التجاري الأول للدولة بتجارة تزيد قيمتها على 60 مليار دولار، وهي أكبر مصدر للدولة التي تمثل منفذاً لنحو 60% من الصادرات الصينية إلى المنطقة. وكما أنه تم في إمارة دبي تدشين «سوق التجار»، ففي إمارة أبوظبي تم وضع حجر الأساس لمشروع «رود بوت» لإنتاج وصناعة الإطارات في مدينة خليفة الصناعية يناير الماضي، ليعد جزءاً رئيساً من مبادرة «الحزام والطريق»، التي تتكالب دول العالم للمشاركة البناءة فيها قبل فوات الأوان، وتجنب إضاعة الفرصة التي قد لا تتكرر مرة أخرى إذا لم تُنتهز الآن.
تتميز الصين بأنها الدولة الأولى في تصدير السياحة إلى كافة دول العالم بمجموع عدد يقارب 150 مليون سائح سنوياً، فهناك تنافس قوي بين الدول التي تعتبر السياحة جزءاً مهماً من الدخل الإجمالي في الاقتصاد الوطني أوالقومي، والإمارات كذلك من الدول التي تملك استراتيجية واضحة في هذا القطاع الذي ينمو بنمط متوالٍ، إضافة إلى أنها تحوي كافة مقومات هذا المجال من بنية أساسية وفق أفضل المواصفات العالمية.
فقد استطاعت الدولة جذب ما يقارب المليون ونصف المليون سائح صيني، والخطة المنظورة تذهب إلى أكثر من مليوني سائح من الصين.
هناك مشترك بين الإمارات والصين مهم للغاية ولاستمرارية المصالح الاقتصادية وغيرها، فهما دولتان تسعيان دائماً للحفاظ على منظومة السلم العالمي، وتحافظان على دوام الأمن والاستقرار وتدافعان عن ذلك في كل المحافل الدولية، وخاصة أن الصين من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ولها الدور البارز في الحفاظ على الأمن في منطقة جنوب وشرق آسيا.
ولطالما حاولت أميركا جاهدة الضغط على الصين من أجل مشاركتها في الصراعات والنزاعات العسكرية المشتعلة من حول العالم، فأبت الدخول في ذلك بكل إصرار ونأت بعده، وآثرت الاقتصاد وعالم المال والأعمال على التوهان في دهاليز السياسة الغامضة.
*كاتب إماراتي