عندما بدأت الحملة الرئاسية «الديمقراطية»، كنتُ متشككاً بشدة بشأن «اليزابيث وارين»، وكان اعتراضي الأول على أنها بدت وكأنها تستثمر التراث الأميركي الأصلي المحتمل للحصول على وظائف أكاديمية، حيث أدرجتها كلية هارفارد للقانون في قائمة الأميركيين الأصليين اعتباراً من 1995، وقد أزعجني هذا، وكنت أعلم أنه سينفّرعدداً كبيراً من الناخبين.
ثانياً، كنت أعتقد أن ردود فعلها سريعة ومن دون تفكير وأنها، في ظل خبرتها السياسية البسيطة، ستضعف في الحملة الانتخابية.
ثالثاً، كنت أعتقد أنها بليغة في مجال التمويل، لكنها ضعيفة فيما يتعلق بالسياسة الداخلية والخارجية.
لكنني الآن أعتقد أنني كنت مخطئاً في كل شيء، وأن صعودها في استطلاعات الرأي يشير إلى أن الآخرين يتوسمون فيها الكثير. لقد أصبحت «وارين» هي المعيار الذهبي لمرشح تحركه السياسة، وسواء فازت بترشيح الحزب «الديمقراطي» أم لا، فإنها تؤدي خدمة عامة من خلال المساعدة على تأطير النقاش.
دعونا ننظر في تصوراتي الخاطئة. أولاً، أجرت صحيفة «بوسطن جلوب» فحصاً دقيقاً لحياة «وارين» المهنية والقانونية، وبات من الواضح الآن أنها لم تستفد إطلاقاً، مهنياً، من رابطات الأميركيين الأصليين.
«لقد وجدت جلوب أدلة واضحة، في الوثائق والمقابلات، على أن ادعاءها بالانتماء للسلالة الأميركية الأصلية لم يؤخذ في الاعتبار من قبل كلية هارفارد للقانون، التي صوتت بشكل مدوٍ لتعيينها، أو من قبل هؤلاء الذين قاموا بتعيينها في أربعة مناصب سابقة في كليات الحقوق»، بحسب ما أوردت الصحيفة. وهناك أيضاً قلق بشأن السذاجة السياسية وقلة الخبرة. لقد ترشحت «وارين» للمرة الأولى لتولي منصب في عام 2012.
ومن المعقول أن نشعر بالقلق بشأن قابليتها للانتخاب، جزئياً لأنها فازت في العام الماضي بإعادة انتخابها في ولاية ماساتشوسيتس، كسيناتورة، بحصة أصغر من الأصوات الشعبية، مقارنة بما حصلت عليه هيلاري كلينتون قبل ذلك بعامين.
وكنت أشعر بالقلق من ميلها لردود الفعل السريعة. وعلى نطاق أوسع، فقد تحسنت «وارين» بشكل كبير كسياسية. وفي وقت مبكر، كانت أحياناً تبرز كأستاذة صارمة بجامعة هارفارد، حريصة على استجوابك بشأن قضية غامضة. لكنها الآن أفضل حالاً في الحملات الانتخابية.
وأخيراً، فقد كنت مخطئاً- بشكل واضح- بشأن سياسات «وارين»، فقد كانت سخية في تقديم المقترحات الذكية، بما في ذلك اقتراح أعجبني بشكل خاص، بشأن الرعاية الشاملة للطفل. وهذا يشبه برنامج رعاية الأطفال المتميز الذي يديره الجيش الأميركي والذي سيفيد الأمهات العاملات والأطفال المعرضين للخطر.
ووارين لديها أيضاً مجموعة من المقترحات الأخرى، تتعلق بكل شيء من إصلاح نظام الانتخابات إلى الإسكان، ومن مكافحة الاحتكار إلى حوكمة الشركات. وهي أيضاً تقترح فرض ضريبة الثروة للمساعدة في دفع تكاليف البرامج الاجتماعية.
من أكبر المشاكل في أميركا هي انهيار الطبقة العاملة والطبقة المتوسطة الأدنى، حيث بلغت نسبة الانتحار أعلى معدلاتها في 30 عاماً، وأدى تعاطي المخدرات والكحول إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع. وتواجه وارين هذه الأزمة، وجهاً لوجه، من خلال قصتها الشخصية ومع سياسات حادة لتعزيز الفرص.
ربما تنجح مقترحات وارين أو لا تنجح، لكنها مقترحات جادة، وتستند إلى عمل كبار الباحثين. إنها مؤمنة باقتصاد السوق وبأهمية تنظيمه لمنع التزوير، كما أنها مؤمنة بالشركات التي تساهم في تحقيق الرفاهية للجميع. وفي حين أنها ليست خبيرة في السياسة الخارجية، فإن غرائزها بشأن تجنب الحرب مع إيران وإظهار اهتمام بالفلسطينيين تبدو جيدة.
وتعتبر وارين بارعة في صياغة السرد. ففي عام 2011، أوضحت أن فرض ضرائب على الأغنياء ليس «حرباً طبقية».
وقالت: «لا يوجد أحد في البلد يصبح غنياً بمفرده –لا أحد. هل قمت ببناء مصنع هناك؟ هذا جيد بالنسبة لك! لكنني أود أن أوضح: لقد قمت بنقل بضائعك إلى السوق على الطرق التي دفعنا نحن تكلفتها. وقمت بتعيين عمال دفعنا من أجل تعليمهم. وكنت آمناً في مصنعك بسبب وجود قوات الشرطة وقوات الإطفاء التي ندفع تكاليفها».
*صحفي وكاتب عمود أميركي ذو ميول ليبرالية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com/2019/06/26/opinion/elizabeth-warren.html