عدم اليقين يهدد وجود قرية كوينهاجاك في ولاية آلاسكا الأميركية. فالقرية بنيت على طبقة من الأرض المتجمدة دوماً، لكن مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب بسرعة يتحول الجليد إلى ماء ومع ارتفاع مستويات مياه المحيطات يتزايد احتمال أن يتحول ما لم يكن متخيلاً إلى ما لا يمكن تفاديه أي أن تضطر البلدة إلى لانتقال. وقصة قرية كوينهاجاك التي تصدرت غلاف مجلة كريستيان ساينس مونيتور هذا الأسبوع وكتبها الزميل سايمون مونتليك ترتبط بدرجة ما ببيئة البلدة القطبية. لكنها تكشف عن التوتر الأساسي في الجدل الأوسع نطاقاً بشأن ارتفاع درجة حرارة الكوكب والسؤال هو: كيف نتعامل مع عدم اليقين بشأن الظاهرة؟
ودرجة عدم اليقين أمر مهم. فنحن نعلم أن تصادماً كوكبياً كارثياً قد يحدث، لكن عدم اليقين مرتفع بدرجة تجعل المجتمع لم يعد ترتيب نفسه لتخفيف حدة المخاطر. لكن في المقابل، وبالنسبة للناس في «كوينهاجاك»، يتقلص عدم اليقين بمرور الأعوام ويتزايد اقتراب المحاسبة فيما يبدو. وفي أماكن أخرى، مازال خطر ارتفاع حرارة الكوكب يقف في مكان ما في الوسط. والتحدي المحوري هو أن تعقيد مناخ الأرض يعني أن وضع نماذج للقياس ينطوي على عدم يقين كبير. وعدم اليقين يضع تغير المناخ في مسافة تمتد من «مجرد مضايقة إلى تهديد وجودي»، بحسب قول عالمة الفيزياء النظرية «سابين هوسنفيلدر» في مقال رأي نشرته في الآونة الأخيرة صحيفة «نيويورك تايمز» مشيرة إلى أن الإجابة الوحيدة تتمثل في ضخ استثمارات كبيرة في أجهزة كمبيوتر متقدمة.
لكن هناك علماء مناخ يرون أن عدم اليقين يتقلص بالفعل. فقد كتب «روجر كوهين» محرر مجلة «يال انفيرونمينت 360» على الإنترنت في رسالة بالبريد الإلكتروني يقول «عدم اليقين يتعلق بمدى قرب شعورنا بهذه التأثيرات مثل كيف سيبدو العالم خلال 20 عاماً أو 50 عاماً أو قرناً من الآن؟ لكن هناك اتفاق آراء علمي قوي للغاية حول أن التأثيرات ستحدث. العلماء يعرفون بالفعل أن التأثيرات ستكون كارثية في المستقبل إذا استمررنا في سلوك المسار نفسه».
وعدم اليقين هذا يتمخض عنه نطاق متدرج مشابه من الاستجابات من التشكيك في الاستنتاجات كليةً إلى الزعم بأن العالم محتم عليه الفناء بالفعل. فكيف يمكننا رسم مسار إلى الأمام حين يقودنا عدم اليقين إلى عدم اتفاق بشأن نطاق وإلحاحية المشكلة؟ وإحدى الإجابات تمثلت في التعجيل بجهود إقناع المجتمعات بأن التهديد وجودي. لكن دون أدلة دامغة عن كارثة تواجه مناطق مثل «كوينهاجاك» ستظل الشكوك قائمة. ولذا هل يتعين علينا الانتظار حتى يحسم عدم اليقين أمر نفسه؟ أليس هناك أساس للعمل الجماعي إلى أن يحل ذاك الحين؟
ويجادل «ستيفن بينكر» الأستاذ بجامعة هارفارد في كتابه الذي يحمل عنوان «التنوير الآن» أن التقدم الذي حققه العالم في الصحة والثروة وحقوق الإنسان جاء من تركيبة واضحة تضمنت العلم والعقل والحركة الإنسانية (التي تتضمن النزعة الفردية وروح النقد). وأنا اعتقد أن التركيبة تصبح أعمق إذا استبدلنا الحركة الإنسانية بالطبيعة البشرية التي يعرفها قاموس ويبسترز نيو وورلد كوليدج بأنها «التحلي بصفات الشفقة واللطف والرحمة والتعاطف».
فهل يمكننا التحدث عن تغير المناخ وفق هذه الطريقة؟ ومع تقدم العلم، هل يمكننا أن نستخدم العقل لفحص خيارات السياسة ورؤيتنا لها بإخلاص وتعاطف وتواضع واعتدال وهي كل صفات الطبيعة البشرية بمعناها الأوسع؟ تشير الدراسات إلى أن هذا النوع من المناقشة قد يحقق المزيد لخلق الوحدة أكثر مما قد تسفر عنه مناقشة الحقائق وحدها. وهذا يخلق أيضاً قاعدة أصلب لمناقشة عدم اليقين الذي مازال قائماً.
*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»