في نهاية الأسبوع الماضي، تحدت الأوامر الحكومية الإيطالية، سيدة ألمانية تعمل ربّانة سفينة إنقاذ ورست في أحد موانئها وعلى متنها 40 مهاجراً، لكن سرعان ما خضعت للإقامة الجبرية لفترة استمرت ثلاثة أيام قبل إطلاق سراحها أمس الأول. واللافت في إطلاق سراح الربّانة الألمانية «كارولا راكتيه» أن قاضية محكمة صقلية التي أمرت بإطلاق سراحها تحدّت هي الأخرى الرد المتشدد من قبل الحكومة الإيطالية على القضية، مؤكدة أن إنقاذ أفراد من سفينة غارقة هو امتثال للواجب.
ووجه حكم القاضية «فيسيلا فيلا» ضربة للجهود الموسّعة التي تقوم بها حكومة إيطاليا من أجل تقييد الهجرة بمعاقبة المنقذين الذين يرسون بقواربهم على الشاطئ خلافاً للأوامر.
وأثار الحكم غضب وزير الداخلية «ماتيو سالفيني»، الذي صعد نجمه بسبب موقفه المناهض للهجرة، خصوصاً أنه يرى «راكتيه» مجرمة ويجب ترحيلها إلى موطنها ألمانيا. وكثير من المهاجرين الذين أنقذتهم «راكتيه» على متن سفينتها الألمانية «سي ووتش 3» الشهر الماضي، وعددهم 53 مهاجراً، نقلوا إلى إيطاليا لأسباب طبية طارئة، بعد البقاء 17 يوماً في عرض البحر من دون أن تفتح أي دولة أوروبية أبوابها أمامهم. ودفع ذلك ربّانة السفينة إلى الإبحار إلى ميناء «لامبيدوسا» الإيطالي الأقرب إليها، رغم خطر التوقيف أو التغريم.
بيد أن «سالفيني» الذي يرى أن «راكتيه» خرقت القوانين بدخول المياه الإقليمية ومناورة قارب تابع للشرطة قرب الميناء، أصرّ على مصادرة «سي ووتش 3» على رغم من توزيع المهاجرين بين خمس دول أوروبية في صفقة دبلوماسية.
و«سي ووتش» هي مجرد واحدة من سلسلة قوارب إنسانية وتجارية لإنقاذ المهاجرين، تجد نفسها حبيسة في عرض البحر المتوسط، بينما لا تزال الدول الأوروبية عاجزة عن وضع نظام للتعامل مع سفن الإنقاذ، مع إصرار المنقذين على عدم رد المهاجرين إلى دول انطلقوا منها بسبب الأوضاع الأمنية الملتهبة هناك، وخصوصاً ليبيا.
وغياب ذلك النظام أسفر عن غرقِ مهاجرين كُثر في البحر، وعودة آخرين إلى أوضاع مأساوية يواجهون فيه مخاطر شديدة على حياتهم.
*مدير مكتب «واشنطن بوست» في روما
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»