في إطار سعي دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز مسيرتها التنموية من خلال جلب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز العملية الإنتاجية الداخلية، عملت الحكومة خلال السنوات الأخيرة على سَنّ القوانين وإصدار العديد من المراسيم التي تدفع بعجلة الاقتصاد نحو المزيد من التقدم، ما يعكس وعياً متنامياً بضرورة التعاطي مع أصحاب المبادرات الاستثمارية من خلال توفير المناخ الملائم لانسيابية الأعمال، ووضع ترسانة قانونية لحمايتهم، فضلاً عن اتخاذ المزيد من الإجراءات لتسهيل حركة رؤوس الأموال والمعاملات التجارية، ووضع كافة السبل أمام نهوض الشركات الناشئة ورواد الأعمال.
فبالإضافة إلى ما قامت به دولة الإمارات خلال السنوات الأخيرة في هذا المجال، فإنها تحرص باستمرار على مواكبة التطور التكنولوجي في العالم للاستفادة منه لتحفيز النمو وتقدم الاقتصاد، ولذا فإن الخطوة التي قامت بها حكومة أبوظبي مؤخراً، والمتمثلة في إطلاقها تسع مبادرات جديدة لتعزيز القدرة التنافسية للعاصمة ودفع عجلة النمو فيها، تعد مؤشراً جديداً على مواصلة الإمارات في السير قدماً على طريق التقدم الاقتصادي.
فقد شملت المبادرات التي تم إطلاقها في هذا السياق «رخصة أبوظبي الفورية» التي تعتبر خطوة كبيرة تجاه تسهيل ممارسة النشاطات التجارية والاستثمارية في أقصر الآجال، وتكمن أهمية هذه المبادرة في كونها تمنح للمتقدم إكمال إجراءات الترخيص لمزاولة نشاطه التجاري من خلال نافذة رقمية واحدة. كما تم توسيع فئات الترخيص لتوفير مرونة أكبر للشركات، حيث أصبح نظام الترخيص الجديد يتيح إنجاز الطلبات بسهولة وكفاءة وسرعة تمكّن أيّ شخص من الوصول إليه، فيما أصبح بإمكان أصحاب التراخيص في معظم المجالات البدء بمزاولة نشاطاتهم على الفور.
وتدخل هذه الخطوة في إطار التزام حكومة أبوظبي بتمكين القطاع الخاص ودعمه من خلال توفير بيئة عمل محفزة، وتوفير فرص شراكة جديدة بين القطاعين، وتسهيل مزاولة الأعمال في الإمارة، وذلك استجابة لطموح دولة الإمارات بشكل عام في بناء اقتصاد معرفي مستدام، قادر على المنافسة عالمياً.
وهذا ما بدا واضحاً من خلال الزخم الكبير الذي أخذه منتدى أبوظبي للقطاع الخاص، حيث حضره نحو 200 شخصية من قادة القطاعين العام والخاص، احتفت بمرور أول ستة أشهر من برنامج أبوظبي للمسرعات التنموية «غداً 21» الذي بدأ تنفيذه منذ بداية 2019.
هذا، وتشكل المبادرات المهمة التي تم إطلاقها بهذه المناسبة رافداً حيوياً لبيئة الأعمال والاستثمار داخل الدولة، إذ تشير العديد من المعطيات إلى أنه سيسفر عنها رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي بنسبة تتراوح بين 32% و37%، بحلول عام 2021.
وقد شملت المبادرات التي تم تبنيها أيضاً، مبادرةَ تحفيز القطاع الصناعي عبر تعرفة الكهرباء، والتي تعزز القدرة التنافسية لإمارة أبوظبي، وتدعم تطوير القطاع الصناعي، إذ سيتم تحديد التعريفات الصناعية الجديدة من خلال آلية تسجيل معتمدة تستند إلى ثلاثة معايير هي: الأثر الاقتصادي، والإنتاجية، والحمل الكهربائي. كما تم إطلاق مبادرة التراخيص الاقتصادية للأنشطة التكنولوجية لتضيف أنشطة اقتصادية ضمن قطاع التكنولوجيا، الأمر الذي يعزز من موقع أبوظبي كمركز متميز للتكنولوجيا والابتكار على مستوى العالم.
فيما أطلق مكتب أبوظبي للاستثمار، ودائرة المالية، وبنك أبوظبي الأول، مبادرة ضمان الائتمان للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بهدف تعزيز فرص نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة للشركات التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، من خلال ضمان ائتمان مقدم من حكومة أبوظبي لبنوك أبوظبي.
ومهما تكن طبيعة المبادرات التنموية التي تطلقها حكومة دولة الإمارات أو إحدى إماراتها، فإنها ستظل جزءاً من سياسة شاملة للتطوير والعمل المستمر لبلد استطاع أن يفسح لنفسه مكانة رفيعة في نادي الدول المتقدمة.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.