أود الإعلان عن شيء مهم لتجارة التجزئة في ولاية نيويورك: «وافقت ولاية نيوجيرسي بأثر فوري على بدء شراء كميات كبيرة من سلطة السمك الأبيض من أسواق مأكولاتنا الوطنية العظيمة». ماذا تقول؟ لا أصل لوجود مثل هذا الاتفاق! فنيوجيرسي ليست لديها آلية شراء مركزية للمنتجات الغذائية، لذا أعتقد أنها أخبار كاذبة، أو ربما مؤامرة من الدولة العميقة!
حسناً.. بالطبع تعلمون أنني لست جاداً بشأن هذا الإعلان، لكن الرئيس ترامب كان جاداً عندما غرّد على موقع التواصل الاجتماعي موضحاً أن «المكسيك وافقت بأثر فوري على بدء شراء كميات كبيرة من المنتجات الزراعية من مزارعينا الوطنيين العظام!». وتُثير هذه التغريدة سؤالين: لماذا تبدو هذه التغريدة وكأنها ترجمة غير مهنية من اللغة الروسية؟ وما هذه المبالغة التي يتحدث بها؟
على أية حال، لم يوجد ذكر لأي منتجات زراعية في بيان الاتفاقية. ورغم أن المكسيك مشترٍ كبير للسلع الزراعية الأميركية، فإنها اقتصاد سوق، أي أن الشركات الخاصة، وليس المسؤولين الحكوميين، هي من تقرر كم ستشتري من المنتجات الزراعية في أي عام محدد.
وتخميني أن ترامب تذكر بصورة غامضة بنود الاتفاق التجاري الفاشل مع الصين، والذي افترض (هو) أنه تضمن التزاماً من قبل بكين بشراء خمسة ملايين طن من فول الصويا الأميركي! لذلك فهو يخلط بين المكسيك والصين، وقد نسي أن المحادثات مع الصين قد أخفقت!
لكن دعونا نضع ذلك جانباً، ولنفكر كيف ستضعِف أزمة مثل أزمة المكسيك وضع أميركا في العالم. فلكي نكون قوة عظمى، فإننا نحتاج إلى ركائز أساسية للقوة، مثل اقتصاد عملاق وجيش كبير.. لكننا نحتاج أيضاً أن نكون دولةً يمكن الاعتماد على جديتها.. أي تفي بوعودها وتنفذ تهديداتها. لذا، دعونا نفكر فيما حدث!
في البداية، تفاوض ترامب من أجل إبرام صفقة تجارية مع المكسيك، لا تكاد تختلف اختلافاً كبيراً عن الاتفاق السابق الذي وصفه بـ«الأسوأ في التاريخ»، ثم هدد بفرض رسوم جمركية جديدة كبيرة على المكسيك، ليس لأنها انتهكت اتفاقياتها التجارية، ولكن لأنه لم ترق له تصرفاتها عند الحدود، وهو موقف لا علاقة له بالتجارة. لذا يبدو اتفاق «الولايات المتحدة والمكسيك وكندا» وكأنه وعد منفرد من قبل الحكومة الأميركية بعدم فرض رسوم جمركية على المنتجات المكسيكية.. ما لم تشعر الولايات المتحدة بأنها تفضل ذلك!
وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا تزعج أية دولة نفسها بإبرام اتفاق مع أميركا؟
وبعد كل التحذيرات المضنية مما سيحدث إذا لم تقدم المكسيك ما يريده ترامب، يبدو أن الرئيس تراجع عن موقفه مقابل إعلان أن المكسيك ستفعل قدراً كبيراً مما كانت قد وعدت به فعلاً قبل إطلاق التهديدات!
والآن، يبدو قطاع الأعمال مسروراً لأن نُذر الحرب التجارية قد تبددت. لكن الشيء الوحيد المؤكد هو أنه أيّاً كان ما يحدث، فإن ترامب سيعتبر أنه حقق انتصاراً عظيماً.
وفي حالة الأزمة المكسيكية، ربما لا يبدو ذلك سيئاً جداً، لكن فكروا ماذا سيعني ذلك عندما يعرف قادة أجانب أن رئيس الولايات المتحدة سهل الانخداع وسريع التأثر، ومتلهف لإعلان الانتصار!
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2019/06/09/opinion/heroes-of-the-great-patriotic-trade-war.html