أثارت انتباهي في الفترة الأخيرة عناوين الصحف العربية التي تتحدث عن قرب حدوث حرب بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، مما لفت نظري إلى هذه العناوين الحوار الذي أجرته صحيفة «الأنباء» الكويتية مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك، والذي لخص فيه نظرة إيران التوسعية في المنطقة العربية بصفة خاصة عندما قال: إن طهران تسعى إلى التغلغل في المنطقة العربية، وإن ذلك سوف يهدد الأمن القومي العربي، وأنه منذ عام 2011 بدأت كل القوى التي لها أطماع في المنطقة العربية، تحاول استغلال الظرف التاريخي في العالم العربي لتحقيق مصالحها. وقد أضاف الرئيس مبارك: «رغم محاولاتي العديدة لتحسين العلاقات مع إيران أيام الرئيس خاتمي، فإن المتشددين عندهم عقّدوا أي فرصة لتحسين العلاقات، لأن أطماع إيران ومساعيها واضحة، وتهديدها للخليج العربي لا يمكن السكوت عليه، كذلك أطماع إسرائيل واضحة ولابد من التعامل مع الموضوعين بحيث لا يطغى موضوع منهما على الآخر».
ووفقاً لخبراء علم السياسة، فإنه يُخطئ من يعتقد بأن حرباً قد تندلع بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، فالتوتر الأخير يتم استغلاله لتضخيم التهديدات واتخاذه مبرراً لإرسال حشود عسكرية إلى الخليج العربي، وللضغط على إيران تمهيداً لتوقيع اتفاق نووي جديد مع أميركا. وكم التصريحات المتناقضة من جانب الطرفين هو نوع من العرض المسرحي الذي تجيده كل من طهران وواشنطن لإخفاء الحقيقة.
ولعل الرئيس السوداني السابق، عمر حسن البشير، كان هو كذلك واضحاً حين قال في حوار له مع جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية: إن هناك حلفاً ثلاثياً «صهيونياً صليبياً فارسياً» يدير عملياته في المنطقة العربية، وإن ما يحدث في سوريا واليمن والعراق ولبنان وليبيا هدفه تدمير المنطقة العربية وإبادة المسلمين السنة بالخصوص. وأضاف: «هناك مخطط لتقسيم المنطقة ما بين إسرائيل التي تهدف إلى تحقيق مشروع (إسرائيل الكبرى) الممتدة من الفرات إلى النيل، وبين مشروع الدولة الصفوية التي تحاول ألا تكتفي بخريطة فارس القديمة بل تسعى للتمدد حتى المناطق العربية داخل الجزيرة العربية وفي الهلال الخصيب بسوريا ولبنان وفي جنوب الجزيرة واليمن».
ومعلوم أن هناك ارتباطاً استراتيجياً بين إيران وأميركا، ويوجد بين الطرفين تعاون مشترك منذ عقود، ولهما مصالح مشتركة في إعادة ترتيب رسم المنطقة، عبر تفجير صراع طائفي سني شيعي في الدول العربية. أميركا تنظر لإيران على أنها قوة إقليمية مؤهلة للقيام بالوصاية على الخليج العربي والسيطرة على مقدراته والتحكم في ممراته، خدمةً للمصالح الأميركية في المقام الأول، بينما تنظر إيران إلى الولايات المتحدة كقوة دولية عظمى، يمكن أن تلعب دوراً مؤثراً في تمرير مخططاتها الإقليمية. لذا فقد كان عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية السابق، واضحاً وصادقاً هو كذلك في هذا الموضوع عندما قال: «لو لم توجد إيران في الشرق الأوسط، لخلقتها الولايات المتحدة الأميركية».
ورغم العداء المصطنع بين إسرائيل وإيران، فقد لعبت الدوائر الصهيونية دوراً معروفاً في تمرير الاتفاق النووي عام 2015. أما إظهار العداء بين الطرفين فهو سياسة للاستهلاك المحلي، وللتغطية على هذه العلاقة واستبدال الصراع العربي الإسرائيلي بـ«صراع سني شيعي» تؤججه إيران. وليس سراً أن إيران لديها تعاون مشترك وقوي مع إسرائيل.