يهدد «حزب بريكست» الذي نشأ حديثاً، والذي ينتمي إليه الزعيم اليميني البريطاني نايجل فراج، بإزاحة «حزب المحافظين» الذي تنتمي إليه رئيسة الوزراء تيريزا ماي، في انتخابات البرلمان الأوروبي. وأحد الأسباب وراء صعود فراج في استطلاعات الرأي قد يكون هيمنته على أدوات التواصل الاجتماعي، عبر الإنترنت، في حرب رقمية انتخابية حاسمة. ويتفوق الحزب الناشئ على أحزاب عريقة وراسخة، ويكسب المنافسة في الإنترنت من خلال كسب انتباه الجماهير، عبر سلسلة من مقاطع الفيديو المنتجة بشكل احترافي والمصحوبة بموسيقا صاخبة للاجتماعات الحاشدة للحزب ومرشحيه، وعلى رأسهم فراج الصامد.
ويرى سايمون اوشروود، نائب مدير جماعة «تشينجينج يوروب» الأكاديمية التي تبحث العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، «أنهم يقدمون كل ما لديهم في هذه الفرصة. لديهم مجموعة براقة من الإعلانات ولديهم علامة مميزة قوية، وهذه لحظتهم للظهور على المسرح السياسي». ومع تركيز شبه رئاسي على فراج، يسعى الحزب إلى انفصال عن الاتحاد الأوروبي دون التوصل إلى صفقة، زاعماً أن تأخير الخروج حتى الآن هو خيانة لإرادة الشعب.
والتهديد كبير أمام حزب المحافظين الذي تنتمي إليه ماي. والخوف وسط المحافظين يتمثل في أن فراج سيمضي من النجاح في انتخابات الاتحاد الأوروبي إلى انتزاع أصوات منهم في الانتخابات العامة المقبلة، ما قد يجعل من المحتمل أن يتولى «حزب العمال» السلطة على المستوى القومي. والحملة الرقمية الآن تمثل جزءاً حيوياً من التيار العام لاستراتيجية الانتخابات السياسية لكل الأحزاب الرئيسية. فقد ساعد الإعلان على مواقع التواصل الاجتماعي المحافظين على الفوز بأغلبية غير متوقعة في الانتخابات العامة لعام 2015، وساهم في نجاح جيرمي كوربين بعد ذلك بعامين. واستخدام حزب بريكست للإعلان على فيسبوك يعود إلى استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي عام 2016، حين برعت حملة مغادرة التكتل الأوروبي في استخدام رسائل موجهة إلى فئات سكانية معينة وبكلفة منخفضة.
وإعلانات حزب بريكست التي يبثها على فيسبوك منذ أبريل الماضي، تضمنت دعم وجهات نظر الحزب ونشر رسائله السياسية ومهاجمة المرشحين المنافسين. وقد حصدت هذه الإعلانات سبعة ملايين مشاهدة على الأقل، وفقاً لبيانات فيسبوك وتحليل نشرته بلومبيرج. وقد سجلت صفحة حزب بريكست على فيسبوك، والتي أُنشئت في يناير الماضي، 108 آلاف إعجاب، أي أكثر من صفحة حزب «تغيير المملكة المتحدة» المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي التي أُنشئت في فبراير وحصلت على 22 ألف إعجاب فقط. أما صفحة حزب المحافظين فحظيت بنحو 652 ألف إعجاب، وحصلت صفحة حزب العمال على مليون إعجاب، وكلتا الصفحتين نشطيتان على فيسبوك منذ 11 عاماً، بينما حصلت صفحة حزب الديمقراطيين الأحرار على 192 ألف إعجاب.
والإنفاق على الإعلان من حزب فراج على فيسبوك بلغ الأسبوع الماضي 27311 جنيهاً إسترلينياً، أي أكبر أربع مرات تقريباً من إنفاق المحافظين وأكثر بالضعف من إنفاق حزب العمال. وهو يتفوق على كل الأحزاب فيما عدا حزب «تغيير المملكة المتحدة» الذي أنفق 52676 جنيهاً إسترلينياً خلال هذه الفترة وفقاً لبيانات من فيسبوك. والصعود المفاجئ للحزب الجديد دفع إلى طرح أسئلة عن مصادر تمويله. وصرح ريتشارد تايس، رئيس حزب بريكست، لراديو هيئة الإذاعة البريطانية يوم الاثنين الماضي، أن الحزب حصل على تبرعات بقيمة 25 جنيهاً من أكثر من 100 ألف شخص. وحين سئل تايس مراراً عما إذا كان الحزب يحصل على تبرعات بالعملة الأجنبية، رفض الرد بالإيجاب أو السلب قائلاً: «أفهم أن هذا ليس مخالفاً للقانون»، وأضاف أن الحزب يلتزم بالقوانين الانتخابية.
ويبث الحزب اجتماعاته الحاشدة مباشرة من أنحاء المملكة المتحدة على فيسبوك وتويتر، لتحصد عشرات الآلاف من المشاهدات. وقد حظي بثه بالمشاهدة 795 ألف مرة على تويتر. ويؤكد كريج ديلون، مؤسس شركة «ويستمنستر ديجيتال» التي تعد مقاطع الفيديو لمواقع التواصل الاجتماعي لمجلس الوزراء والتي قدمت النصح لحزب بريكست بشأن التواجد الرقمي، أن المحتوى الرقمي الخاص بحزب بريكست «يشبه نجوم موسيقا الروك، والحزب ذاته أقرب شبهاً بفرقة موسيقية تقوم بجولة من كونه جماعة سياسية».
وعلى تويتر، وهو منبر أكثر شعبية وسط الناخبين المؤيدين للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، حظيت تغريدات من حزب بريكست في الفترة بين 29 أبريل و6 مايو، بإعادة نشر أكثر من أي حزب مؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي مثل حزب الديمقراطيين الأحرار أو حزب تغيير المملكة المتحدة، وذلك وفقاً لدراسة أجرتها «جمعية هانسارد» لدعم الديمقراطية البرلمانية. ويرى ستيفن بارنت، أستاذ الاتصال في جامعة ويستمنستر، أن الحزب يستفيد من مزية وجود زعيم معروف ورسالة بسيطة، وهما العنصران الأساسيان في أي استراتيجية تواصل سياسي ناجحة. وقال بارنتك: «فراج علامة مميزة في حد ذاته. إنها حالة دراسة رائعة في كيفية إدارة حملة رئاسية».
*صحفي متخصص في الشؤون الأوروبية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»