تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم الجمعة، بـ «يوم زايد للعمل الإنساني»، الذي يصادف التاسع عشر من رمضان من كل عام، ذكرى وفاة المغفور له، مؤسس الدولة وباني نهضتها الحديثة، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي اختاره ربه إلى جواره في شهر رمضان المبارك، قبل خمسة عشر عاماً، ولا يزال المغفور له رمزاً خالداً للعمل الإنساني ليس في الإمارات أو العالم العربي أو العالم الإسلامي فحسب، ولكن في العالم أجمع. وتشهد الاحتفالات بهذه المناسبة، إطلاق العديد من المبادرات الإنسانية والخيرية وتقام العديد من الفعاليات الحكومية والمجتمعية التي يحرص الجميع على المشاركة فيها.
إننا -ونحن نحيي هذا اليوم المهم من تاريخ دولتنا الحبيبة- نستذكر، ويستذكر معنا العالم، مآثر رجل قل نظيره، ليس فقط كرجل دولة وقائد وبانٍ لنهضة حديثة يشهد العالم على تميزها، ولكن أيضاً كإنسان اعتبر العالم موطنه، ولذلك لم يبخل مطلقاً في تقديم المساعدة لأي فرد أو شعب أو دولة من دول العالم، حتى استحق عن جدارة، أن يلقب ب «زايد الخير»، كيف لا؟ وهو الذي كان خير نصير للمظلومين، وأول مساعد للمحتاجين، وأول المبادرين في أعمال البر والخير، أينما كانت.
لقد كان الشيخ زايد، يؤمن إيماناً عميقاً بالإخاء الإنساني، وبضرورة أن يبذل المرء كل ما يستطيع من أجل خدمة الناس، وقد كان الشيخ زايد بفطرته السليمة، ينظر إلى أبناء الشعب كأبنائه تماماً، ولذلك لم يبخل عليهم بشيء، وكان يعمل كل ما في وسعه من أجل تحقيق أفضل مستويات الحياة لهم، كما حرص على تقليل الفوارق الاجتماعية، من خلال تركيز العون على المحتاجين والطبقات الأقل حظاً، حتى أصبح كل أبناء الشعب وفي فترة وجيزة من عهده الميمون، يتمتعون بمستويات معيشة عالية وفي الصدارة على مستوى المنطقة والعالم، حيث اختفى الفقر وعاش الناس جميعهم في سعادة.
ولم يقتصر خير الشيخ زايد، رحمه الله، على الداخل، بل تعداه إلى العالم العربي الذي كان يعتبره وطنه الكبير، وكان يقدم له الدعم كما يقدم لأبناء شعبه، فاستحق أن يكون حكيم العرب، ولا نبالغ إذا قلنا إنه، وبلا منازع، من الزعماء القلائل الذين يحظون بمكانة واحترام كبيرين في وجدان كل عربي ومسلم، كيف لا؟ ومآثره منتشرة، وآثار خيره موجودة في كل مكان، شواهد على مدى حبه لعمل الخير وحرصه على مساعدة الأشقاء من العرب والمسلمين، فكانت الإمارات في عهده، وبالطبع ما زالت كذلك، في طليعة مقدمي المساعدات للعالمين العربي والإسلامي.
ولأن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، رجل دولة وطني وصاحب بعد إنساني وعالمي، فقد كان حريصاً منذ البداية على مساعدة الدول الصديقة، وحتى تلك التي لا يوجد لها علاقات مع الدولة، فقدم الكثير من المبادرات، كما حرص على مأسسة هذا العمل، حتى يبقى عملاً دائماً، ولعل تأسيسه صندوق أبوظبي للتنمية في مرحلة مبكرة جداً من نشأة الدولة، الذي يستهدف مساعدة الدول النامية والفقيرة، ويعد الآن من أبرز الصناديق التنموية في العالم، ومن أكثرها نشاطاً وتنوعاً وتأثيراً، خير دليل على عمق الحس الإنساني في شخصية الشيخ زايد وطبيعته الخيرية، فبرغم الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد على طريق النهوض والتطور، حيث كانت تحتاج إلى الكثير من المال، فتحويل الصحراء إلى جنة خضراء، لم يكن بالأمر اليسير ويحتاج إلى موارد ضخمة، ومع ذلك، فقد كان نصيب الآخرين، في ما حبا الله الإمارات من ثروة، محفوظاً دائماً، بل لقد كانت الإمارات ومنذ السنوات الأولى لتأسيسها، سباقة في تقديم المساعدات لكل من يحتاج إليها من الدول الشقيقة والصديقة على حد سواء، وما زالت أقوال الشيخ زايد خالدة في هذا المجال، حيث كان يقول: «الغني يجب أن يساعد الفقير، والله العلي القدير، منحنا هذه الثروة لتطوير بلادنا، وفي الوقت نفسه للمساهمة في تطوير الدول الأخرى».
وقد كان الشيخ زايد، رحمه الله، حريصاً على تقديم المساعدات بتجرد، وبعيداً عن أي اعتبارات غير موضوعية، كالعرق أو الدين أو اللون أو الجنسية، وقد أصبح هذا نهجاً راسخاً في الدولة، وغدا عمل الخير سمة ثابتة لها ولمن يقودها، ولهذا فلا عجب أن تصبح دولة الإمارات في طليعة الدول في العمل الإنساني، بل وتقوده عالمياً بكل كفاءة واقتدار.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية