في الأسبوع الماضي، نشرت صحيفة «يسرائيل هيوم» تحت عنوان «هل صحيح أن هذه هي صفقة القرن؟»، نصاً يفترض أنه مشروع ترامب للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وأضافت الصحيفة عنواناً جانبياً يقول إن بعض بنود النص تتفق مع تصريحات أميركية سابقة، وبعضها يتعارض مع هذه التصريحات. كما قالت: «إن النص تم تداوله داخل أروقة وزارة الخارجية الإسرائيلية، غير أن أحداً لا يعرف المصدر الذي وزعه ولا أحد يستطيع أن يقرر مدى صدقيته». مع ذلك فقد تمت ترجمة النص إلى لغات كثيرة وتداولته مصادر إعلامية عديدة في العالم.
ومن ناحية ثانية، نلاحظ أن جرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي للسلام، قام بعد نشر تقرير «يسرائيل هيوم» بنفي بند في هذا النص يتحدث عن ضم جزء من سيناء لغزة لإقامة مطار ومنشآت أخرى، وذلك بأن أعاد وضع تغريدة على حسابه في تويتر كان قد نشرها منذ أسابيع عندما ترددت في الصحف الإسرائيلية أنباء مشابهة تقول: «إن خطة السلام الأميركية تتضمن بنداً ينص على ضم جزء من سيناء إلى غزة لتوسيعها». كتب جرينبلات في تغريدته «أنه سمع هذه الأخبار وأنه مندهش لأن أشخاصاً لم يطلعوا على الخطة يخترعون أموراً غير صحيحة ويروجونها، وطالب قراء تغريدته بعدم تصديق ما يقال عن ضم جزء من سيناء المصرية إلى غزة الفلسطينية».
وهنا يطرح سؤال يقول: هل نستنتج من نفي جرينبلات لبند واحد في نص «يسرائيل هيوم»، وهو الخاص بغزة وسيناء، أن سائر البنود التي لم يقم بنفيها صحيحة؟
هنا يجب أن نلاحظ أنها المرة الأولى التي ينسَب فيها لإدارة ترامب أنها توافق في مشروعها على إقامة الدولة الفلسطينية. ذلك أنه يرد في النص تحت عنوان «الاتفاقية» ما يلي: سيتم توقيع اتفاقية ثلاثية بين إسرائيل ومنظمة التحرير و«حماس»، وستقوم دولة فلسطين، التي ستسمي فلسطين الجديدة، علي أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة فيما عدا المناطق المقامة عليها مستوطنات.
إن ورود مصطلح الدولة الفلسطينية لأول مرة في نص منسوب لإدارة ترامب يرجح صحة التوقعات التي كتبتها هنا من أن ثلاثي الدول العربية المؤثرة، أي مصر والإمارات والسعودية، سيستطيع بجهوده الهادئة في كواليس إدارة ترمب أن يعدل اختلالات صفقة القرن، وأن يصحح انحيازات الفريق الأميركي المكلف صياغة مشروع السلام، وأن المشروع سيأتي في النهاية ملبياً لمطالب مبادرة السلام العربية في إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو بعاصمة هي القدس الشرقية مع تبادل لبعض الأراضي.
أما فيما يتعلق بالقدس فالنص يحمل، ولأول مرة، إشارةً إلى صيغة تصحح انحياز ترامب عندما اعتبر القدس عاصمة لإسرائيل، وهي صيغة ما زال بمقدورنا دفعها باتجاه اعتراف مشروع ترامب بأن القدس الشرقية ستكون عاصمة الدولة الفلسطينية.
ويرد في النص حول القدس ما يلي: لن تقسم مدينة القدس وستكون مشتركة بين دولتي إسرائيل وفلسطين الجديدة، وستكون العاصمة لكل من إسرائيل وفلسطين الجديدة، وسيكون سكان القدس العرب مواطنون منتمين لدولة فلسطين الجديدة. وستكون بلدية القدس مسؤولة عن جميع مجالاتها في ما عدا التعليم الذي ستتولاه حكومة فلسطين الجديدة، ولن يسمح لليهود بشراء بيوت العرب، كما لن يسمح للعرب بشراء بيوت اليهود، كما أنه لن تضم أراضي جديدة لمدينة القدس وستبقي الأماكن المقدسة، كما هي اليوم بوضعها الحالي.
مرة أخرى أرى أننا سنحصل في المشروع الأميركي على الدولة الفلسطينية، عكساً لما يطرحه الجانب الإسرائيلي من صيغة الحكم الذاتي للضفة الغربية.