شهدت العلاقات البحرينية العراقية توتراً وصل إلى حد استدعاء القائم بالأعمال العراقي في المنامة، وتقديم احتجاج للسفير البحريني في بغداد. وقد لاحت بوادر الأزمة الدبلوماسية بعد أن أصدر مقتدي الصدر، زعيم التيار الصدري في العراق، بياناً تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، قدّم في ختامه عشر مقترحات، أو كما سمّاها «أطروحات»؛ منها «غلق السفارة الأميركية في العراق، إرسال وفد إلى الاتحاد الأوروبي للضغط على الثُنائي (ترامب ونتنياهو)، لإخراج العراق من (المعمعة)». كما تطرق للأوضاع الداخلية في دول أخرى، هي اليمن والبحرين وسوريا، وعليه فقد استدعت مملكة البحرين السفير العراقي لديها، احتجاجاً على بيان الصدر، وقالت إن البيان «يشكّل إساءة لطبيعة العلاقات بين البحرين والعراق، الأمر الذي يعدّ تدخلاً في شؤون البحرين». ولم يصدر عن الحكومة العراقية بيان أو رد دبلوماسي على بيان الصدر. وكتب وزير خارجية البحرين، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، قال فيها: «مقتدى يبدي قلقه من تزايد التدخلات في الشأن العراقي، وبدل أن يضع إصبعه على جرح العراق بتوجيه كلامه للنظام الإيراني الذي يسيطر على بلده، اختار طريق السلامة ووجّه كلامه للبحرين مكتوباً». وأضاف: «أعان الله العراق عليه وعلى أمثاله من الحمقى المتسلطين». واللافت في الأمر أنه بدلاً من أن تعتذر وزارة الخارجية العراقية أو تقدم تفسيراً حول بيان الصدر، تقدمت بمذكرة احتجاج للسفير البحريني في بغداد ضد التصريحات التي أدلى بها الشيخ خالد بن أحمد!
لكنها ليست المرة الأولى التي يصدِر فيها الصدر تصريحات مسيئة لمملكة البحرين، إذ دأب على الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة تجاه البحرين وشعبها، إضافة إلى مطالبات طائفية تتضمن الدعوة للشقاق والفرقة بين أبناء الشعب البحريني، بما يشكل تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية البحرينية. ففي عام 2011 تحدث الصدر عن الوضع في البحرين زاعماً بأنه «ثورة شعبية وثورة حق». وفي عام 2013 طالب بإغلاق السفارة البحرينية في بغداد.. لذلك فالتصريحات العدائية الصادرة منه مؤخراً ضد البحرين ليست الأولى له أو لرموز سياسية عراقية أخرى موالية لإيران، ضد تقارب العراق مع أشقائه العرب، خصوصاً دول الخليج العربية.
بل أكثر من ذلك، فقد تحدثت التقارير عن استقبال إرهابيين بحرينيين وتنظيم معسكرات تدريب لهم على أيدي ميليشيات عراقية داخل الأراضي العراقية، بينما استمرت وزارة الخارجية البحرينية في المطالبة بتسليم هؤلاء الإرهابيين إلى السلطات الأمنية والقضائية في المملكة، لكن الحكومات العراقية المتعاقبة كانت ترفض أو تماطل. هذا إلى جانب توفير الغطاء السياسي والإعلامي لاؤلئك الإرهابيين واستضافتهم على شاشات القنوات الفضائية الطائفية.
وغالباً ما يبادر الطائفيون من الساسة ورجال الدين العراقيين إلى إطلاق التصريحات النارية بين الفينة والأخرى، وكثيراً ما تحدثوا عن البحرين من منظار طائفي لا أكثر، وهو أمر واضح لا يمكن تجاهله. لذلك ظلت العلاقات العراقية البحرينية كصدى للعلاقات بين طهران والمنامة. وفي المحصلة فإن مواقف بعض الساسة الطائفيين العراقيين حيال البحرين تخدم الأجندة الإيرانية في المنطقة، لذا فقد اعتاد هؤلاء «الساسة» إطلاق التصريحات النارية تجاه مملكة البحرين. وكان من الأجدر بمقتدى الصدر البحث عن أسباب تدهور الأوضاع في العراق طوال السنوات الماضية، فالحكومة البحرينية تقف دائماً مع استقرار العراق والحفاظ على سيادته، ومع عودته لمحيطة العربي، وهو ما تحاول الحكومة الإيرانية ووكلاؤها في العراق عدم السماح به.