يحظى شهر رمضان المبارك، الذي تفصِلنا عنه أيامٌ معدودات، بمكانة عظيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، كما هو في باقي دول العالم الإسلامي، لكن ربما تختلف طبيعة الاستعدادات هنا لاستقبال هذا الشهر الفضيل، حيث تستنفر، وفي وقت مبكر، كل المؤسسات والجهات، وعلى كل المستويات، استعداداً لاستقباله، فتجدها تَشرع في إعداد البرامج، ووضع الخطط، ورصد الميزانيات، وغيرها من الإجراءات الخاصة باستقبال هذا الشهر الكريم بما يليق بعظمته وأهميته ومكانته في حياة المسلمين.
ومع اقتراب شهر رمضان الفضيل، الذي يتزامن هذا العام مع إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2019 «عاماً للتسامح» بهدف ترسيخ دولة الإمارات العربية المتحدة عاصمة عالمية للتسامح، ولكي يصبح التسامح عملاً مؤسسياً مستداماً من خلال مجموعة من التشريعات والسياسات الهادفة إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبّل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة، تعلن الكثير من الجهات والمؤسسات عن برامجها وفعالياتها.
ومن بين أبرز الجهات التي تنشَط خلال هذا الشهر، الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، حيث أعلن الدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة، وصول 20 شخصية من أصحاب الفضيلة العلماء خلال الأيام المقبلة، ضمن برنامج العلماء ضيوف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مؤكداً اكتمال الاستعدادات لاستقبال الشهر الفضيل، وجاهزية قطاعات «الهيئة»، وأشار إلى تنظيم الهيئة 1388 فعالية دينية خلال شهر رمضان، منها فعاليات عدة ستتناول التسامح ضمن مبادرة «مجالس التسامح» بمختلف إمارات الدولة.
كما أعلنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي أن مليونَي شخص داخل دولة الإمارات، وفي 83 دولة، يستفيدون من برامج ومشاريع حملة رمضان هذا العام، التي تتضمن إفطار الصائم وزكاة الفطر وكسوة العيد والمير الرمضاني، بتكلفة مبدئية تقدر بنحو 41 مليون درهم، وكذلك فعلت العديد من الهيئات والجهات الأخرى وحتى الأفراد الذين ينشطون أيضاً في هذا الشهر، سواء في ما يتعلق بتوفير وجبات الإفطار لعشرات الآلاف من الناس، أو تقديم المساعدات داخل الدولة وخارجها على حد سواء. كما تحظى تلاوة القرآن الكريم خلال هذا الشهر الفضيل باهتمام كبير.
ولا شك في أن لهذه الاستعدادات والمبادرات التي تأتي بتوجيهات من القيادة الرشيدة، أهمية كبيرة، ولها دلالات كثيرة، فهي تؤكد: أولاً، المكانة المرموقة التي يحتلها شهر رمضان المبارك لدى الإماراتيين، حيث يتم التعامل معه هنا كشهر ذي قدسية خاصة، لأنه يعبر عن قوة الإيمان لدى الأفراد ومدى إخلاصهم في عبادتهم لربهم والتزامهم بدينهم، وشعائره وتعاليمه العظيمة. وثانياً، أن القيادة الرشيدة لا تدخر جهداً في حماية الدين وتوفير أفضل الظروف لممارسة شعائره، وتعزيز القيم الإسلامية بشتى الطرق، كما أنها لا تدخر جهداً في تعزيز القيم الإسلامية، ونشر تعاليم الدين الصحيحة القائمة على التسامح والسلام في وقت يتزايد فيه انتشار الأفكار المتطرفة والجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدين الإسلامي ستاراً لجرائمها البشعة في حق الإنسانية. وثالثاً، البعد الإنساني العميق في كل ما تتبناه الدولة ومؤسساتها المختلفة، حيث تنشط مختلف الهيئات وحتى الأفراد في تقديم المساعدات المالية والعينية للكثير من المجتمعات الإسلامية، خاصة تلك التي تعاني ظروفاً صعبة، حيث تبذل عادة جهوداً استثنائية في هذا السياق.
فشهر رمضان في دولة الإمارات له نمط خاص، وهو شهر تتضاعف فيه الأعمال والجهود، كما تنطلق خلاله الكثير من المبادرات التي تستهدف مساعدة المسلمين وإغاثتهم أينما وُجِدوا، تجسيداً للقيم التي تأسس عليها هذا الوطن منذ نشأته، والرؤى التي تبنّتها قيادته، والقِيم التي تربى عليها أبناؤه.

 * عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.