منذ خمس سنوات الإمارات والسعودية ركبتا القطار العابر إلى المستقبل، وفي رحلة المصير الواحد والهدف المشترك، برؤية واضحة واستراتيجية طويلة الأمد.
وهو ما أكد عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في حسابه الرسمي على «تويتر».. (ببالغ السعادة والاعتزاز بحثت مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بحضور ولي عهده الأمين.. سبل تعزيز علاقات البلدين الراسخة والتعاون المشترك.. الإمارات والسعودية تجمعهما روابط تاريخية ورؤية طموحة وشراكة استراتيجية لمواجهة التحديات والعبور للمستقبل).
لماذا ركزنا على السنوات الخمس الراهنة، لأن العلاقة العملية والتنفيذية بدأت في مايو 2014 عندما تم تشكيل اللجنة العليا المشتركة بين الإمارات والسعودية تولت تنفيذ الرؤى الإستراتيجية بين قيادة البلدين ومواجهة التحديات في المنطقة ودعم وتعزيز العلاقات.
واستمرت هذه العلاقة الثنائية فاعلة إلى ساعة الإعلان في اجتماع اللجنة التنفيذية بالرياض في 15-4-2019 عن تشكيل اللجان السبع المسؤولة عن تنفيذ مشاريع وبرامج تفصيلية في 26 مجالاً من مجالات العمل التنيسقي المشترك.
أما العلاقة التاريخية التي انبنت عليها التنسيق الثنائي العملي، فهي بعمق الدولة السعودية التي تجاوزت القرن من عمر الزمان، إضافة إلى عمق دولة الإمارات التي قاربت النصف قرن.
هذا العمق التاريخي سيتحول في المستقبل القريب إلى نقاط قوة وثقل على مستوى الإقليمي والعالمي إذا ما تم الاستفادة منها لأقصى حد. فثراء المورد البشري على رأس سلم التنمية المستدامة، يقترب حجم سكان الدولتين من الخمسين مليون نسمة، فأي استثمار في هذا العدد، وهو رأس المال الاجتماعي الأول لأي مشروع يتحدث بلغة المستقبل ومستعد لتحدي العقبات وتخطيها.
ومما لا شك فيه، بأن الاقتصاد عربة سياسة الدول في الحفاظ على قوتها المادية التي تعد ضمانة لقوتها البشرية، من هذا المنطلق تقف الإمارات والسعودية على قمة الهرم العالمي لامتلاكهما أغنى الصناديق السيادية على مستوى العالم.
فالإمارات والسعودية تتربعان على المرتبة الأولى عالمياً كأكبر صندوق سيادي في العالم بحجم يبلغ قرابة تريليوني دولار وفقاً لأرقام عام 2018.
ولو قارنا ذلك بالصناديق العالمية الأخرى لوجدنا الفارق كبيراً، فعلى سبيل المثال، نجد بأن حجم صندوق التقاعد الحكومي في النرويج تصل أصوله إلى 825 مليار دولار، ثم تأتي مؤسسة الصين للاستثمار أصولها بحجم 747 مليار دولار، وبعدها تأتي الهيئة العامة للاستثمار الكويتية بقيمة أصول تصل إلى 592 مليار دولار.
وإذا ولجنا إلى عالم النفط الذي يعد إلى أكثر من قرن قادم هو عصب الاقتصاد العالمي، وإنْ كان الحديث يتسارع نحو مصادر الطاقة المتجددة، إلا أن الوصول إلى مرحلة أن تكون البديل الذي يتخطى النفط لا زال بعيد المنال.
ففي عالم النفط لا زالت الإمارات والسعودية تحوزان على قرابة ربع الاحتياط العالمي من الذهب الأسود، وبما أن للنفط القول الفصل في استقرار اقتصاد الدول، فيكفي بأن دولة واحدة كالصين بحاجة إلى 50 مليون برميل نفط يومياً للمستقبل القريب حتى تتمكن من الاستمرار في مشاريعها التنموية، فكيف الحال ببقية الدول التي لا زال يعتمد اقتصادها على النفط. فالإمارات والسعودية تتصدران قائمة أقوى الاقتصادات وفق آخر الإحصاءات، فقد تبوأت الإمارات ضمن أقوى 20 اقتصاد في العالم والسعودية في المرتبة 18 وفقاً لمقياس دخل الفرد السنوي.
وتملك السعودية الشركة الأغنى في العالم على الإطلاق، وهي «أرامكو» التي أحدثت جدلاً عالمياً عندما فكرت المملكة في خصخصتها، ثم تمهلت قليلاً، فقيمتها السوقية تقدر ب 5 تريليونات دولار.
من هذا المنطلق وغيرها من نقاط الجذب، حري بالإمارات والسعودية أن تمثلا أفضل تجربة عربية في التكامل الثنائي، الذي لم نجد له مثيلاً في تاريخ العمل العربي المشترك منذ عقود مضت، تجربة تدفع في اتجاه تشجيع هذا التكامل على مستوى العالم العربي بشكل عام، ولكن المبادرة الثنائية الإماراتية- السعودية باتت تؤتي أكلها بفضل الله، ومن ثم بدعم القيادتين الرشيدتين لهذا النهج التنموي الرشيد.