بعد حوالي عام على قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، أعلنت وزارة الخارجية إنهاء كل البلدان لوارداتها من النفط الإيراني بشكل كامل وإلا فإنها ستتعرض لعقوبات أميركية. وهو ما يمثل تصعيداً لحملة «الحد الأقصى من الضغط» التي أطلقتها إدارة ترامب، والتي تسعى لإرغام طهران على إنهاء سلوكها غير القانوني حول العالم.
وحسب وزير الخارجية «مايك بومبيو»، فإنه اعتباراً من 2 مايو، ستتوقف وزارة الخارجية عن منح إعفاءات من العقوبات لأي بلد يستورد النفط الإيراني حالياً. وكانت الخارجية الأميركية قد أصدرت في نوفمبر الماضي إعفاءات لـ180 يوماً لثمانية بلدان من أجل منحها مزيداً من الوقت لإيجاد مصادر نفط بديلة. والآن، أخذ وقت هذه البلدان ينفد.
قرار إنهاء الإعفاءات له تداعيات بالنسبة لأسواق النفط العالمية، لكن اضطراب الأسواق يفترض أن يكون في الحد الأدنى لسببين: أولهما أن الإمدادات الآن أكبر من الطلب، وثانيهما أن بومبيو يستعد للإعلان عن تعويض الإمدادات الإيرانية من خلال التزام مزودين آخرين مثل السعودية والإمارات بتعويضها.
قرار وقف الإعفاءات – التي تسمى «استثناءات الخفض المهم» - أصبحت سياسية أيضاً في واشنطن، مع مطالبة بعض المسؤولين والمشرعين المتشددين علانية بوقفها.
ثلاثة من البلدان الثمانية التي تلقت إعفاءات أميركية في نوفمبر الماضي قلّصت واردات النفط الإيرانية إلى الصفر، وهي: اليونان وإيطاليا وتايوان. أما البلدان الأخرى التي سيتعين عليها الآن قطع واردات النفط الإيرانية حتى لا تتعرض لعقوبات أميركية، فهي الصين والهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية.
وتُعد الصين والهند أكبر مستوردين للنفط الإيراني. وإذا لم تمتثلا لمطالب ترامب، فإن ذلك يمكن أن يتسبب في توترات في العلاقات الثنائية ويمتد إلى مواضيع أخرى مثل التجارة. وتُعتبر كوريا الجنوبية واليابان أقل اعتماداً على النفط الإيراني وتتعاملان بحذر بخصوص هذا الموضوع. هذا في حين قال مسؤول تركي إن بلاده «تتوقع» إعفاء آخر، ولكنها لن تحصل عليه.
ويقول ترامب إنه يريد من النظام الإيراني أن يعود إلى طاولة المفاوضات ويبرم اتفاقاً أفضل من ذاك الذي وقعه أوباما. ولكن النظام الإيراني يقول إنه لا ينوي فعل ذلك. وعلى كل حال، فإن تصعيد الإدارة لحملة «الحد الأقصى من الضغط» يرمي إلى حرمان النظام من المال الذي يحتاجه للقيام بأنشطته الخبيثة حول العالم، رفع كلفة سلوك إيران الخبيث ومعالجة الطيف الواسع من التهديدات التي يطرحها نظامها بالنسبة للأمن والسلام.
وهناك بعض المؤشرات على أن الضغط بدأ يؤتي أكله. ذلك أن إيران لم تستطع إيصال النفط إلى سوريا منذ يناير الماضي، بسبب العقوبات، وهو ما زاد الضغط على نظام الأسد. وفي مارس الماضي، أشار بومبيو إلى نقص السيولة المالية الذي عانى منها «حزب الله» باعتباره دليلاً إضافياً على الضغط الذي تعاني منه خزائن الحزب، الذي يتلقى تمويله من إيران، مع ما ينطوي عليه ذلك من نتائج إيجابية بالنسبة للأمن الإقليمي.
لكن الحلفاء الأوروبيين يعملون مع طهران من أجل ابتكار وسائل للالتفاف على العقوبات الأميركية في إطار جهودهم الرامية لإنقاذ الاتفاق الإيراني. غير أن الولايات المتحدة ما زالت، في الوقت الراهن، كبيرةً بما يكفي وقويةً اقتصادياً بما يكفي لدرجة أنه ليس لدى الشركات والحكومات خيار آخر غير الامتثال. ومن المستبعد أن يجلس النظام الإيراني مع إدارة ترامب من أجل التفاوض حول اتفاق أفضل، أو أن يغير سلوكه بشكل جوهري. غير أنه اعتباراً من الشهر المقبل، ستكون لديه على الأقل أموال نفط أقل لنشر الإرهاب والأذى حول الشرق الأوسط والعالم.
*محلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»