الخطوات التي أقدمت عليها الولايات المتحدة بوضع «الحرس الثوري» وفيلق القدس والجيش الإيراني وقبلهم «حزب الله» على لائحة الإرهاب مرحبٌ بها، وإن جاءت متأخرة.
لكن برغم هذه المواقف التي تضع ميليشيات الملالي على لوائح الإرهاب وإنزال العقوبات بها لتجفيف مصادر تمويلها واعتبار كل من يتعامل معها أو يواطئها شريكاً لها يتعرض لما تعرضت له، تبقى هذه المواقف ناقصة فإذا كان كل من تموله إيران وتُسلحه وتجنّدهُ لضرب الشرعيات العربية وغير العربية في عداد الإرهابيين، فلماذا تأخر اعتماد هذه الإجراءات بحق «الحوثيين» وهُم الجماعة الميليشياوية التي انقلبت على الشرعية اليمنية البرلمانية والحكومية والأمنية والشعبية.
بل إن هذه الجماعة الانقلابية طغت وتحكمت بالمناطق التي هيمنت عليها بقوة السلاح الإيراني. لكن ها هو البرلمان اليمني يطالب الحكومة الشرعية بتقديم مشروع قانون يعتبر الجماعة «الحوثية» منظمة إرهابية في ختام جلسته غير الاعتيادية التي انعقدت في مدينة «سيئون» الأسبوع الماضي. فكل عناصر الإرهاب التي تجسد إيران مواصفاتها وسماتها يُجسدها «الحوثيون» ومنها مُمارسة هؤلاء الترهيب على أعضاء مجلس النواب والاعتداء على أُسرهم ومصادرة ممتلكاتهم وتفجير مساكنهم وتشريد سكانها من النساء والأطفال بطريقةٍ بربرية، وكذلك قيامهم بتجنيد الأطفال ورميهم في جبهات القتال من دون خبرة أو حتى معرفة أولية باستخدام السلاح.
هذه الجريمة بحق الأطفال تُقابلها ممارسات عنيفة ضد المرأة اليمنية من ضربٍ وإهانة واغتصاب وتسليع. لكن ما هو مماثل أنها الاعتداءات المبرمجة المنهجية التي يرتكبها هؤلاء للاعتداء على السعودية وقصف المدن المأهولة بالسكان والمقدسات واستخدام الطائرات الموجهة والصواريخ الباليستية إيرانية الصنع: أي إعلان حرب على دولةٍ عربية وعلى حدودها وسيادتها وشرعيتها التاريخية. ونظن أن التعرض للسعودية هو من الأدوار الرئيسية التي رسمتها إيران لهذه العصابات لنشر الفوضى والدمار والتخريب.
ومن لا يعرف أن الحشد الشعبي في العراق والحرس الثوري (اللذين يتحكمان بنحو 20% من الميزانية العراقية) و«فيلق القدس» و«حزب الله»، قد قاموا أيضاً بمثل هذه الأدوار الجهنمية في سوريا ودمروا المدن والدساكر والمعالم الحضارية مع شريكهم بشار الأسد.
و«الحوثيون» يؤدون السيناريو ذاته لإدامة تقسيم الشعب اليمني وتدمير البنى الشرعية. لعبة الفوضى لتحويل الدول العربية دويلاتٍ متناحرة مذهبياً وعنصرياً.
وحسناً فعل البرلمان اليمني المنتخب بمطالبته الحكومة تقديم مشروع بتصنيف هؤلاء على لائحة الإرهاب. فما دام «الحوثيون» يوصّلون كل هذه المواصفات ويمارسونها والتي تجعل منهم مُلبّين لشروطه فلماذا يتردد العالم في تبني هذا الموقف.. هناك من يقول: إذا عوملت عصابات «الحوثيين» كما عومل الحرس الثوري وحزب الله فمع من يمكن إجراء تفاوض حول عملية السلام ووقف النار.. قد يكون ذلك صحيحاً من حيث الشكلية السياسية والدبلوماسية الأممية، لكن من يقول إن هؤلاء سيقبلون أي اتفاق؟ أو تنفيذ أي بنود؟ بل وحتى الاعتراف بالمبادرة الأممية؟ فها هم يهاجمونها ويتّهمونها بالانحياز إلى الشرعية.
وكم من مبادرة وافق عليها هؤلاء ثم تنكروا لها مثل «اتفاق الحديدة». ومؤخراً مُنع المبعوث الأممي مارتن غريفيت ورئيس فريق تنسيق إعادة الانتشار في الحُديدة الجنرال مايكل لولسيغارد من الوصول إلى مقرهما لتنفيذ الجزء الأول من الاتفاق بين الطرفين.
إن «الحوثيين» صُنعوا في إيران لتخريب كل احتمال سلام في اليمن (تماماً كأقرانهم في لبنان وسوريا والعراق) يحملون إيديولوجية الملالي لضرب استقرار كل بلد عربي وشرعيته الدستورية. (ونُشير إلى أن حزب الله بات اليوم في فنزويلا أيضاً لتدريب عناصر مسلحة تدعم الرئيس مادورو)، كأن هذا الحزب صار مقاومة «عابرة للقارات» ضد إرادة الشعوب. إنهم مجرد كائنات روبوتية تُسيّر من طهران، بل يمكن القول إنهم باتوا في مصاف قواتٍ احتلالية إيرانية مقنّعة. كما هي الأحزاب الفارسية في العراق، (الحشد الشعبي) وفي سوريا (حزب الله وفيلق القدس) فهوياتها اليمنية واللبنانية والعراقية مُزيفة لا تحول دون كونها أداة لضرب سيادة بلدانها وإرادة أهلها ومصالحهم.
وماذا تُرى يفعل أي احتلال استعماري أكثر مما تفعله ميليشيات إيران في عددٍ من البلدان العربية. ناهيك عن تكوين خلايا إرهابية في الكويت وفي مصر وفي المغرب وفي أوروبا.