تقوم استراتيجية الأمن الغذائي لدولة الإمارات العربية المتحدة على مجموعة من المبادئ المتعلقة بتعزيز التنوع الاقتصادي، ورفع كفاءة القطاعات المساندة له، كالقطاع الزراعي بوصفه محوراً استراتيجياً حيوياً لرؤية الدولة القائمة على تنمية المنتج المحلي ليصل إلى 40% من السلع الغذائية، وخاصة أن ذلك يشكل تحدياً بارزاً في ظل وصول حجم استيراد السلع الغذائية من الخارج إلى نحو 90%، الأمر الذي حفّز الدولة خلال السنوات العشر الماضية على حشد الجهود وتكوين الشراكات العالمية، وحثّ الشركات المحلية على الاستثمار بالزراعة داخل الدولة وخارجها، من دون إغفال أهمية الاعتماد على التقنيات التكنولوجية الحديثة والمبادرات الابتكارية اللازمة لتنمية وتطوير القطاع.
وفي خطوة جديدة لتنمية القطاع الزراعي، كشفت «هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية» عن تطويرها استراتيجية للبيانات واستشراف المستقبل بهدف بناء منظومة متكاملة تسهم في إيجاد فرص جديدة ومؤسسة لإثراء البيانات، بما يخدم منظومة دعم واتخاذ القرار بالقطاع الزراعي والغذائي، وينتقل بالبيانات من منظومتها الاعتيادية إلى منظومة ذات قيمة اقتصادية مجدية تعزز الاستثمار وتحقق النموذج التشاركي في مساعدة الأفراد والمؤسسات لتسهيل أعمالهم. كما تعمل الاستراتيجية، من خلال رصد وتحليل البيانات والتوظيف الأمثل للكفاءات البشرية والفنية والتقنية، على تحقيق إنجازات نوعية لخدمة مصالح إمارة أبوظبي، والتركيز بشكل كامل على متطلبات الحكومة المحلية في مجال إدارة البيانات والتحليلات الخلّاقة، ومتطلبات الهيئة في مجال الأمن الحيوي والاستدامة الزراعية وتنمية الثروة الحيوانية وتعزيز السلامة الغذائية في الإمارة.
وشهدت دولة الإمارات في السنوات الأخيرة الماضية تجارب ناجحة للاستثمار في مجال الزراعة، إذ تمتلك الدولة شركات زراعية عملاقة تعمل في أكثر من 60 دولة في قارات العالم الست، ولديها مساحات شاسعة مزروعة في مجموعة دول، كالسودان ومصر وصربيا وإيرلندا وجنوب أفريقيا وإسبانيا، كما يتوافر عدد من الصوامع الكبيرة لتخزين المواد الغذائية في إمارة أبوظبي ومختلف إمارات الدولة. وتنظر إمارة أبوظبي للاستثمار الزراعي في الخارج بوصفه أحد الأركان الرئيسة في دعم منظومة الأمن الغذائي وتعزيز استراتيجيتها في التنوع الاقتصادي، فقد تم تشكيل لجنة الأمن الغذائي التي تتولى الإشراف على تطوير استراتيجية الأمن الغذائي في إمارة أبوظبي، في عام 2008، ثم بعد ما يقارب العامين، أنشئ مركز الأمن الغذائي من أجل تعزيز الأمن الغذائي الوطني وبما يحقق الرؤى والطموحات في تمكين أفراد المجتمع من الحصول على غذاء صحي آمن ومستدام.
وفي عام 2011 تطورت مراحل استثمار الأمن الغذائي في الدولة، من خلال التحول من الاستثمار الزراعي ليشمل الصناعات الغذائية، حيث تم تكوين شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص، وتفعيل خطط الطوارئ والأزمات والتركيز على مراحل التنمية المستدامة من أجل توفير متطلبات السوق المحلي من السلع الغذائية الاستراتيجية. ثم في عام 2012 تم العمل على بناء مخزون استراتيجي من السلع الغذائية الاستراتيجية، لضمان توافر السلع الغذائية في الظروف كافة لضمان الاكتفاء الذاتي واستدامة توريد السلع الأساسية.
ولأجل تعزيز قدرة المنتجات الزراعية المحلية على تلبية احتياجات السوق المحلي، كثّفت دولة الإمارات جهودها الخاصة باستدامة القطاع الزراعي على استحداث أفضل النظم والتطبيقات التكنولوجية لتنمية وتطوير القطاع الزراعي، ودعم الشركات الوطنية المستثمرة في الخارج بتوقيع بروتوكولات تضمن تدفق السلع الزراعية للدولة، إضافة إلى إعفاء الشركات الزراعية من الرسوم والتعرفات الجمركية المفاجئة، وتوفير آليه تمويل طويلة الأمد بفوائد منخفضة لدعم المزارعين، ما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي ويوسع توزيع المنتجات المتنوعة والعالية الجودة بأسعار تفضيلية، ويواجه تحديات ندرة موارد المياه والأراضي الصالحة للزراعة وارتفاع تكاليف الإنتاج، إلى أن أصبحت الزراعة الآن نشاطاً اقتصادياً يعتمد على أحدث التقنيات، وأفضل الابتكارات التي من شأنها تحسين الأمن الغذائي، ضمن فئات الإنتاج الحيواني والزراعة المائية وإنتاج المحاصيل، باستخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي لتنشيط حركة السوق، وزيادة الطلب على توظيف التقنيات الزراعية، ودفع عجلة النمو والتنمية المستدامين، وتطوير الوسائل المبتكرة لتحقيق كفاءة استخدام الموارد.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية