هل الأميركيون مستعدون لقائد يتحدى معطيات السوق التي هيمنت على ساحتنا السياسية خلال نصف قرن الماضي؟ لا أقصد بذلك رئيساً شعبوياً، بل رئيساً يخوض تحدياً حقيقياً. ويراهن كثير من المتنافسين التقدميين على ترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية المقبلة، وخصوصاً السيناتور «بيرني ساندرز» والسيناتور «إليزابيث وراين»، وعلى استعداد الأميركيين لذلك.
وقد أصدر معهد «روزفيلت» تقريراً حديثاً يُفصّل المشكلات التي يعانيها الاقتصاد الأميركي حالياً، ويقترح مساراً جديداً. ويبدأ التقرير، المعنون «قواعد جديدة للقرن الـ21»، بإقرار واقع لا مفرّ منه: «إن هذا الاقتصاد لا يجدي نفعاً بالنسبة للغالبية العظمى من الأميركيين، وهو كذلك منذ بعض الوقت». فالأجور ظلت راكدة لعقود، وزاد انعدام الأمان. وتآكلت الاستثمارات في البنية التحتية والأبحاث والتنمية. وتركزت الثروة والدخل في أيدي أقلية استطاعت إخضاع الديمقراطية الأميركية. وتخفق الولايات المتحدة حالياً في اختبارات أساسية من أجل المستقبل، مثل تعليم الجيل المقبل، ومواجهة التغير المناخي.
وهذا السجل السحيق ليس مصادفة. وإنما يرجع إلى قوى مناوئة مثل العولمة والتكنولوجيا و«الأيدي الخفية» في السوق، وأيضاً إلى أن كبريات الشركات سيطرت على القوى الحكومية لجعل قواعد الاقتصاد تصب في مصلحتها. والأثرياء أيضاً هم من روّجوا لفكرة معطيات السوق، والوهم بأن الأسواق قادرة على تصحيح نفسها، وخدمة المصلحة العامة بفاعلية دون تدخل حكومي.
وسيحتاج تغيير المسار إلى مبادرتين متزامنتين، لكبح قوة كبريات الشركات، وخدمة المصلحة العامة. وتتضمن المبادرة الأولى: ضرائب تقدمية، وإحياء قوانين مكافحة الاحتكار، وإصلاحات لقواعد حوكمة الشركات لمنع تجاوزات الرؤساء التنفيذيين والمساهمين، ولوائح مالية، وتمكين العمال. أما المبادرة الثانية فتنطوي على: قانون حقوق اقتصادية عصري (مثل رعاية طبية للجميع، وتعليم جامعي مجاني، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وضمان للوظائف) واستثمارات في مستقبلنا، مثل اتفاق بيئي جديد، وإنفاق على البنية التحتية.
ويؤكد مؤلفو التقرير أن الأميركيين متعطشون لأفكار جديدة وكبيرة، وسيكافئ الناخبون القيادة التي تتمكن من التعبير عن هذه الأفكار بوضوح، وتضعها موضع التنفيذ.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»