يستمتع النقاد بتصريح الرئيس دونالد ترامب الغريب، حيث قال إن «بلدنا ممتلئ». لقد انتقدوا كل ما قاله، بدءاً من الكثافة السكانية إلى انخفاض معدل المواليد. بيد أن ترامب لا يتأثر كثيراً بالنقد. لذا فلدي اقتراح آخر، وهو أن يقرأ كتاب «الحدود المفتوحة: علم وأخلاقيات الهجرة»، حيث يأخذنا الخبير الاقتصادي «برايان كابلان» ورسام الكاريكاتير «زاك وينرسميث» في جولة مبهجة من الحجج والأدلة وراء الفكرة المدرجة في العنوان. وقبل الخوض في أهمية الكتاب، اسمحوا لي بالتعليق على عنوانه. لقد تبنى كثير من الليبراليين عبارة «الحدود المفتوحة»، لكني مع من يعتبرون هذا المصطلح خطأ سياسياً، كونه يتبنى رؤية تطالب بإلغاء المحطات الحدودية لتسجيل ومراقبة الداخلين والخارجين في أي دولة. ليس هذا إطلاقاً ما يدور في أذهان مؤيدي الفكرة، وبالطبع ليس ما يدور في ذهن كابلان ووينرسميث. فالحدود ستظل خاضعة للدوريات، وسيظل على المهاجرين ملء النماذج وما إلى ذلك. والفرق أنه سيكون هناك قيود قليلة أو لا قيود على من يمكنه العبور.
في الكتاب الكوميدي، تشير الفكرة التي جسدها كابلان إلى أن الحدود المفتوحة ستؤدي إلى زيادة كبيرة في الثروة. كما يشير إلى أن سياسة الحدود المفتوحة قد تضاعف الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء العالم، من 75 إلى 150 تريليون دولار، ويذكرنا بأنه حتى لو كان التغيير أصغر من هذا، فالأرجح أن يكون هائلا.
وهنا يأتي الجزء الكوميدي. «تخيل وجود مليون شخص في القارة القطبية الجنوبية، يزرعون في الثلج»، كما يقول كابلان، مع الرسوم التوضيحية لوينرسميث. ولنفترض أنهم كانوا سينقلون إلى بلد أكثر خصوبة! «من الواضح أن المهاجرين من القارة القطبية الجنوبية هم أفضل حالا، لكنهم ليسوا المستفيدين الوحيدين»، لأن «في بلدهم الجديد، يزرع المزارعون كميات أكبر من الطعام» سيبيعونها ويفيدون «كل من يأكل». وسيكون من اللياقة والذكاء أن تسمح لهم بالدخول، حسب كابلان.
ويستمر كابلان في تقديم الحجج والأدلة على الافتراض بأنه حتى المهاجرين من ذوي المهارات الضعيفة يسهمون في زيادة دخل المواطنين الأصليين، وكذلك الذين دخلوا بحثاً عن معيشة أفضل، ويرفض الحجة المضادة باعتبارها «مغالطة حسابية». لنفترض أنك صادفت دراسة تُظهِر أن الهجرة واسعة النطاق ستقلل متوسط الدخل. فلنقل إن متوسط دخل العائلات «الأصلية» يبلغ 50 ألف دولار ومتوسط دخل الأجانب خمسة آلاف دولار. إن الحدود المفتوحة، كما يقول، ربما تقلل هذا المتوسط إلى 40 ألف دولار، ومع ذلك فإن كلا الجانبين سيكون أفضل حالا. وقد يكسب المواطنون الأصليون 60 ألف دولار، والمهاجرون 20 ألف دولار.
ويتناول الكتاب عدداً من الحجج المؤيدة لتقييد الهجرة. فمثلا يرفض كابلان حجة «ميلتون فرايدمان» ومفادها بأنك لا يمكن أن يكون لديك هجرة مفتوحة ودولة تتمتع بالرفاهية. وهو لديه إجابات جيدة للمزاعم القائلة بأن المهاجرين أكثر ميلا لارتكاب جرائم وأنهم لا يستطيعون التكيف والاندماج.
كما يتناول كابلان الآراء التي ترى أن الهجرة يمكن أن تغير الثقافة، وهو لا ينكر أن الثقافة قد تتغير، لكنه يقدم رؤية للثقافة باعتبارها شيئاً أكثر من تبجيل شبيه بتبجيل المتاحف في الماضي.
ولا يخشى كابلان من الاعتراف عندما يوضح هؤلاء الذين لديهم وجهة نظر مختلفة فكرتهم. وهذا وحده يميز هذا الجهد عن الكثير من الجدل الذي يدور حول هذه القضية. وهو أيضاً يقر بأن الحلول الوسط ربما تكون ضرورية. لكنه يقول: إذا كان الجمهور لديه مخاوف مشروعة، فإن «حلول ثقب المفتاح» (أي استهداف مشكلة معينة من خلال حلول محدودة) هي أفضل من الحظر التام. وأبسط هذه الحلول هو أنه إذا كان هناك خوف يتعلق بالمهاجرين المجرمين، يمكن للدولة أن ترفض السماح بدخول المجرمين. وإذا كان هناك خوف من استنزاف المهاجرين للخدمات الاجتماعية، فمن الممكن فرض فترة انتظار. وبالنسبة لهؤلاء الذين يعتقدون أن مثل هذه القواعد مؤذية للمهاجرين، يرد كابلان بأنهم محقون، لكن الهجرة بقيود أفضل من الحظر المطلق. وكما يشير في النهاية، فإن معظم هذه الحلول المحدودة موجودة بالفعل إلى حد ما.
ومن خلال عرض الحجج في شكل مشرق وجذاب وفكاهي، قدم كابلان مساهمة سيحبها حتى الرئيس المتشكك.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»