في شهر نوفمبر الماضي، كشف المدعون الفيدراليون الأميركيون بطريق الخطأ، وفي وثيقة للمحكمة غير ذات صلة، أن لائحة اتهام قد تم رفعها ضد مؤسس ويكيليكس «جوليان أسانج». وشعر الكثير من المهتمين بالحريات المدنية، وبعضهم يعارض أسانج، بالقلق من فكرة أنه يمكن معاقبته لدوره في كشف أسرار الحكومة الأميركية.
في ذلك الوقت، لم يكن الجمهور يعرف ما هي التهم الفعلية. والآن وقد تم جرّ أسانج من السفارة الإكوادورية في لندن، حيث يقيم منذ ما يقرب من سبع سنوات، ويواجه الترحيل إلى الولايات المتحدة، فإننا نعرف أنه قد تم اتهامه بالتآمر لقيامه باقتحام الكمبيوتر، نتيجة لمحاولاته المزعومة قبل ما يقرب من عقد من الزمان مساعدة «تشيلسي مانينج»، المحللة السابقة في مخابرات الجيش حل رموز كلمة السر لجهاز كمبيوتر حكومي.
لا تشكل هذه التهم تهديدات للصحافة الحرة كما يخشى البعض، لأن القرصنة ليست ممارسة صحفية عادية. يقول «بن ويزنر»، من اتحاد الحريات المدنية الأميركي، إن «لائحة الاتهام لا تتهم أسانج بسبب النشر، وهو ليس أمراً خطيراً». مؤسس ويكيليكس شخص بغيض، لجأ إلى السفارة لتفادي التهم الناجمة عن ادعاء بالاعتداء الجنسي في السويد. ففي انتخابات 2016 الرئاسية الأميركية كان أسانج بمثابة قناة لأجهزة المخابرات الروسية التي اخترقت رسائل البريد الإلكتروني لشخصيات كبيرة في الحزب «الديمقراطي».
وكانت إدارة أوباما قد اتخذت قراراً بأنها لا يمكن مقاضاة أسانج لنشره معلومات سرية، دون أن يكون ذلك تهديداً للتعديل الأول من الدستور. وقال «ماثيو ميلر»، المتحدث السابق باسم وزارة العدل «لصحيفة واشنطن بوست عام 2013»: المشكلة التي كانت دائماً تواجه الوزارة في التحقيق مع جوليان أسانج هي أنه لا سبيل لمقاضاته لنشره معلومات دون تطبيق النظرية ذاتها على الصحفيين.
وعندما قال ميلر ذلك، كانت الحقائق الكامنة وراء تهمة القرصنة الحالية معروفة بالفعل. فأثناء محاكمة مانينج في 2011، كشف المدعون العسكريون سجلات الدردشة، التي طلبت فيها مانينج من أسانج المساعدة على معرفة كلمة السر. ولم تكن هناك إشارة، آنذاك أو الآن، إلى أن أسانج نجح في ذلك، فلائحة اتهام أسانج تقول: إن كلمة السر كانت ستتيح لمانينج الوصول إلى أجهزة الكمبيوتر الحكومية دون إدخال اسم المستخدم الخاص بها.
في يوم الخميس، قال ميلر: إنه قد تكون هناك أسباب كثيرة وراء عدم توجيه وزارة العدل في عهد أوباما اتهام بالقرصنة. وفي حين أنه يعتقد أن تهمة القرصنة مبررة، إلا أنه قال «هذه ليست أقوى قضية في العالم».
لكن رغبة وزارة العدل في اعتقال أسانج لنشره معلومات سربتها «مانينج» لم تخبأ إطلاقاً. يقول «ميلر» إن وزير العدل جيف سيشنز ونائبه رود روزينشتاين أرادا النظر إلى القضية بشكل جديد. ومن المريح أنهما وجدا طريقة لتقديم القضية دون اعتداء مباشر على الصلاحيات الصحفية. ومع ذلك، فإن أموراً كثيرة يقوم بها الصحفيون بشكل روتيني هي جزء من مزاعم أسانج. وعلى سبيل المثال، ورد في لائحة الاتهام أن أسانج ومانينج اتخذا إجراءات لإخفاء مانينج كمصدر للكشف عن السجلات السرية لويكيليكس. وفي الحقيقة، فإن معظم، إن لم يكن كل، صحفيي التحقيقات يتخذون إجراءات لحماية مصادرهم» ولكي يصبح أي من الأعمال الواردة في لائحة الاتهام جزءاً من مؤامرة إجرامية، يجب أن تكون هناك جريمة.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2019/04/11/opinion/julian-assange-wikileaks-first-amendment.html