ستكون جزر مارشال- وغيرها من دول الجزر المرجانية في المحيط الهادئ- هي أولى الدول التي تواجه الانقراض نتيجة الاحتباس الحراري. فمن الممكن أن تؤدي مستويات سطح البحر المرتفعة إلى محوها من على الخريطة في غضون عقود. كما ستجعلها الفيضانات التي لا نهاية لها غير صالحة للسكن في وقت قريب. ولكن، لأسباب أنانية بحتة، لا يجب على العالم أن يتركها تغرق، فجزر مارشال لديها الكثير كي نتعلمه منها حول التكيف مع التغير المناخي.
هذه ليست مجرد أزمة تؤثر على عدد قليل من الجزر المرجانية والشعاب المرجانية النائية. يجب أن نهتم بما يحدث لما يقرب من 55 ألفاً من سكان جزر مارشال لأن الـ800 مليون شخص الآخرين في المئات من المدن الساحلية المنخفضة في جميع أنحاء العالم معرضون لخطر وشيك من مواجهة مصير مماثل.
وإذا كان لا يمكن إنقاذ جزر مارشال، فماذا سيكون وضع المناطق الأخرى؟ ذكرت الأمم المتحدة أنه بحلول عام 2050، قد يصبح مليار شخص – حوالي 10% من سكان العالم -من اللاجئين بسبب تغير المناخ وما يتبعه من ارتفاع منسوب المياه في المحيطات. وإذا كان هذا هو السبب الوحيد، لا يجب أن يترك العالم جزر مارشال تغرق.
وكما ساعدت خطة مارشال بعد الحرب العالمية الثانية البلدان التي مزقتها الحرب على إعادة بناء نفسها، نحن بحاجة إلى خطة مارشال جديدة لتقديم التدابير التي تضمن للمجتمعات التي تقع في «نقطة الصفر» من أزمة المناخ العالمية أن تتكيف وتستمر.
ومع توقعات بتسارع ارتفاع سطح البحر، ومع احتمال بأن يرتفع بأكثر من قدم واحدة بحلول عام 2050، فإذا لم نكن نعيش في مجتمعات ساحلية، من المحتمل أن نرحب بالمهاجرين منها.
لم يعد أمامنا وقت لنضيعه. وبالفعل، تهدد المواد الكيميائية المشعة مثل البلوتونيوم بالتسرب إلى إحدى جزر مارشال المرجانية لأن ارتفاع منسوب المياه تخلل مقبرة نفايات نووية. ويغمر المياه الجزء الأمامي من سلم العديد من المنازل في جزر مارشال. كما تحدث بالفعل العديد من حالات الغمر والفيضان. لقد أصبح الوضع هشاً للغاية.
ولأنها عقدت العزم على التحرك قبل فوات الأوان، تقوم جزر مارشال بتحويل نفسها إلى مختبر للحياة الواقعية للتحضير لآثار تغير المناخ. فهي تبني أسواراً بحرية، وتصمم أنظمة حماية ساحلية كبيرة، وتدمج التكيف والمقاومة في الخطط الوطنية، وتوسع القدرة على تخزين مياه الأمطار في المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء. ويستكشف المخططون إمكانية إقامة جزر جديدة لزيادة مساحة اليابسة فوق الماء.
إن جزر مارشال وهولندا متباعدتان، ولكن كلاهما من الأراضي المنخفضة التي تعلمت كيف العيش مع المياه. وقد أتقن الهولنديون استصلاح الأراضي على مر القرون.
لكن خطة مستدامة للحماية من خطر الفيضانات وتوفير إمدادات المياه العذبة تتطلب التزاماً وموارد مالية كبيرة تتجاوز بكثير ما هو ممكن بالنسبة لبلد يصنفه صندوق النقد الدولي كواحد من أصغر الاقتصادات في العالم. وتنفق هولندا، التي شهدت إجلاء ربع مليون نسمة في تسعينات القرن الماضي بسبب الفيضانات، نحو 17 مليار يورو (19.2 مليار دولار) بحلول عام 2031 لجعل البلاد آمنة للأجيال القادمة. وتتضمن التدابير بناء السدود والكثبان الرملية الدائمة والمباني المقاومة للماء على ركائز وهياكل عائمة ترتفع مع مستويات المياه.
ويمكن لبقية العالم المساعدة أيضاً من خلال تسريع استراتيجيات التكيف. وعلى الصعيد العالمي، يجب فحص كل استثمار لمعرفة تأثيره على المناخ. وتعد البنية التحتية الجديدة غير المحمية من تأثيرات المناخ مسؤولية. وينبغي توسيع نطاق التكنولوجيات الحالية، مثل المباني العازلة للمناخ، وحماية المياه الصالحة للشرب من خلال الحفظ وإعادة التدوير وبناء الخزانات الجديدة. ويجب علينا أن نتحرك سريعاً للاستفادة من الابتكارات مثل النباتات التي تتحمل المياه المالحة والأقمار الصناعية التي يمكنها اكتشاف تسريبات الميثان التي تسخّن الأرض.
مرة أخرى، فإن البلدان التي فعلت القليل من مسببات التغير المناخي هي أكثر البلدان التي تعاني. ومع ذلك، وبدون موارد الدول الأكثر ثراء، تتولى جزر مارشال زمام المبادرة فيما يتعلق بجهود التكيف العالمية ضد ارتفاع منسوب مياه البحر. وتقديراً لجهودها، ترأس هذه الدولة الجزرية الصغيرة منتدى المعرضين مناخياً، وهو مجموعة من 48 دولة على خط المواجهة مع التغير المناخي.
وتقدم جزر مارشال تحذيراً من الأشياء القادمة، لكنها أيضاً أصبحت منارة للأمل في المجتمعات الساحلية في جميع أنحاء العالم. وستحدد الإجراءات التي نتخذها الآن أي مستقبل ينتظرنا.
هيلدا هاين: رئيسة جزر مارشال ورئيسة «منتدى المعرضين مناخياً»
باتريك فيركوين: الرئيس التنفيذي للمركز العالمي للتكيف والمدير المشارك لـ«منتدى المعرضين مناخياً»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»