ربما يكون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد فاز بفارق ضيق في الانتخابات الإسرائيلية هذا الأسبوع، لكن كم كان الثمن؟
إن احتضان نتنياهو القوي لأجندة يمينية متطرفة وضعه على مسار خطير ليس في صالح إسرائيل، ولا الفلسطينيين ولا الولايات المتحدة. وباعتبارنا مؤيدين منذ فترة طويلة للعلاقة القوية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فإننا نشعر بقلق عميق بشأن التطوريات الأخيرة. فهذه السياسات، إذا تم تفعيلها من شأنها أن تغير جذرياً من طابع إسرائيل، وتقوض حقوق الإنسان الفلسطيني وتنتهك السياسات والقيم التي اعتمدها الرؤساء الأميركيون منذ فترة طويلة لكلا الطرفين لتحقيق حل الدولتين في المستقبل والذي يمكِّن الإسرائيليين والفلسطينيين من العيش في سلام وكرامة جنباً إلى جنب مع بعضهما بعضاً. ولهذا السبب لا يستطيع الكونجرس تجاهل الأمر.
لقد أظهر نتنياهو تجاهلاً متزايداً للقانون الدولي وحقوق الإنسان، حيث سرَّع بناء الآلاف من الوحدات السكنية للمستوطنين في الضفة الغربية، ما اضطر آلاف العائلات العربية لترك منازلها في شرق القدس، وأجاز العنف ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وانحاز نتنياهو مع فصائل عنصرية تؤيد علانيةً تهجير الفلسطينيين من أراضيهم المحتلة. وفي هذا الإطار، لا يمكن النظر إلى تعهده الذي أعلنه مؤخراً بضم جميع المستوطنات في الضفة الغربية إلا كخطوة أولى تجاه ضم الضفة.
ولم تحدث هذه التطورات من فراغ، فقد تم دعمها والتحريض عليها بشكل خطير من قبل الرئيس ترامب، الذي اتسم دعمه غير المقيد لنتنياهو ولليمين الإسرائيلي المتطرف، بالتجاهل التام للسياسة الأميركية طويلة الأمد والقانون الدولي والاستقرار الإقليمي. وكان قرار الإدارة بنقل السفارة الأميركية إلى القدس خارج أي إطار تفاوضي، وإغلاق القنصلية الأميركية في شرق القدس، وإيقاف جميع المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في الضفة وغزة.. جزءاً من استراتيجية لإجبار الفلسطينيين على التخلي عن تطلعاتهم لمستقبلهم. وقد استمر هذا النهج الخطير قصير النظر. وفي هذا الأسبوع فقط، في جلسة استماع للجنة الفرعية لمخصصات مجلس الشيوخ، لن يؤكد وزير الخارجية مايك بومبيو ما إذا كانت الإدارة ستعارض أي خطة لضم الضفة الغربية من جانب واحد، وهو موقف أميركي ثابت وقديم، من بين أمور أخرى، للحفاظ على أي احتمال لتنفيذ حل الدولتين.
فماذا تعني هذه التطورات لمؤيدي العلاقات الأميركية الإسرائيلية من الأميركيين، سواء في الكونجرس أو خارجه؟ هذا هو وقت الصدق. والوقوف في وجه هذه الأجندة المتطرفة أمر حيوي لأمن ورفاهية كلا الجانبين.
لقد دعمنا بقوة التعاون الدفاعي والمساعدة الأمنية لإسرائيل، بما في ذلك الاتفاق الذي توصل إليه الرئيس أوباما لتزويد إسرائيل بـ38 مليار دولار كمساعدات أمنية خلال السنوات العشر القادمة. وقد كنا دائماً ننظر إلى هذا الدعم على أنه أمر حاسم لضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها ضد التهديدات التي تواجهها في جميع أنحاء المنطقة، ومع توقع أنها ستمكّن إسرائيل من تقديم التنازلات الصعبة الضرورية للسلام. بيد أن الجيش القوي ليس كل ما هو مطلوب لضمان أمن واستقرار إسرائيل على المدى الطويل، بل من الضروري أيضاً التوصل إلى تسوية تعترف بالحقوق الإنسانية والسياسية للشعب الفلسطيني من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعترف بحق إسرائيل في الوجود داخل حدودها.
لقد تنازل ترامب عن دور الولايات المتحدة في دفع عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، وحاول استغلال إسرائيل لتحقيق ميزة سياسية حزبية. ونظراً لما رأيناه بالفعل، ليس ثمة سبب للاعتقاد بأن إدارته ستقدم أي شيء قريب من اقتراح موثوق لحل النزاع سلمياً. لذلك يجب على الكونجرس إصدار تشريع يدعو إلى حماية حقوق الإنسان للإسرائيليين والفلسطينيين ومعارضة أي أعمال من شأنها إفساد حل الدولتين في المستقبل، بما في ذلك أي توسيع للمستوطنات لتمتد إلى مناطق جديدة، وأي محاولة لضم الضفة أو جزء منها. ويتعين على الكونجرس أيضاً إعادة المساعدات لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة ودعم المدارس والمستشفيات في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
ونحن نعتقد أن الغالبية العظمى من الأميركيين، بمن فيهم أغلبية ساحقة من الجالية اليهودية الأميركية، تؤيد المواقف التي حددناها. إن الموقف المؤيد لإسرائيل حقاً هو موقف يدرك حقيقة أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لضمان وجود دولة يهودية ديمقراطية وآمنة، ويعترف بالحقوق السياسية والإنسانية للفلسطينيين. وكوننا مؤيدين لإسرائيل لا يعني أننا يجب أن ندعم سياسات نتنياهو بعد الآن أكثر من أن كوننا موالين لأميركا يتطلب منا تأييد سياسات ترامب. وفي سياق التطورات الأخيرة، لا يستطيع الكونجرس الصمت.
كريس فان هولين* وجيرالي إي كونولي**

*سيناتور أميركي «ديمقراطي» عن ماريلاند
**نائب «ديمقراطي» يمثل الدائرة الـ11 في فيرجينيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»