لم يكن الهاشتاغ الذي انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية إلا تعبيراً عن واقع ملموس يعايشه الشعب الإيراني، هاشتاغ يتساءل: هل السيول والفيضانات تم إدارة أزمتها، أم أن أزمة الإدارة هي ما فاقمت أضرار السيول وما قبلها من كوارث طبيعية أخرى؟
نسير مع القارئ الكريم في السطور القادمة لتبيان ذلك بعيون إيرانية وخطوات النظام الإيراني ونتيجتها.
جفاف، شح أمطار، تقلص للمساحة الزراعية وازدياد التصحر.. مجموعة من المعضلات التي تواجه الشعب الإيراني. الأمطار شحيحة، الغيوم تتلبد، السماء تفتح أبوابها والأمطار تنهمر. النظام الإيراني لا يفتأ يضع الخطط للمحافظة على المياه، وها هو الخير قد جاء. السماء تزيد من خيراتها، وجاء الاختبار الحقيقي للنظام الإيراني لكي يفند ما يُقال عن سوء الإدارة والفساد، وفجأة 23 محافظة إيرانية تتعرض لموجة من الفيضانات والسيول خلّفت معها العديد من الخسائر والأضرار البشرية والمادية، قتلى وجرحى و25 ألف منزل مهدم و66 جسراً وخسائر بالمليارات و11 ألف كيلومتر من الطرق المدمرة.
تستغيث تلك المحافظات بالنظام الإيراني ومسؤوليه المدافعين عن المظلومين.. أين محافظ جلستان التي غرق 70% منها؟ إنه في إجازة خارج إيران. مضت أيام على السيول والخسائر تزداد ولم يقطع الرئيس الإيراني إجازته. أين هيئة الأزمات لتلتئم وتنسق أدوار جميع الجهات. إدارة الأزمات يتوجب معها التنسيق، لا مجيب.
قائد الحرس الثوري يستقل قارباً ويشاهد كمية الدمار والمياه العالقة.. يقترح تفجير بعض الطرق وخطوط السكك الحديدية لتصريف المياه. بعيداً عن التنسيق، حسن روحاني بدوره يزور مناطق منكوبة أخرى، ويتهكم على اقتراح قائد الحرس الثوري. في اليوم التالي قائد الحرس الثوري يعود ليشرف على التفجير في تحد للحكومة. النتيجة لم تكن كما ينبغي.
ما هو الحل؟ كالعادة النظام الإيراني يسعى إلى تصدير أزمته، وزير الخارجية الإيراني يلقي اللوم على العقوبات الأميركية والتي حالت دون مقدرة وصول الهلال الأحمر الإيراني لحساباته وعدم قدرة المنظمات الدولية على تقديم المساعدات. وزير الخارجية الأميركي يرد: السبب يعود لسوء إدارة النظام الإيراني. براين هوك المبعوث الأميركي الخاص بشؤون إيران في وزارة الخارجية الأميركية يدعم موقف بومبيو بالقول: بناء النظام الإيراني 600 سد بعد الثورة لم يكن وفق سياسات بيئية صحيحة، وليس لخدمة الشعب الإيراني بقدر ما هو تكسب للحرس الثوري.
وهنا يأتي الشعب الإيراني ليعلنها: هل نحن أمام إدارة أزمة أم أزمة إدارة؟ يتساءل أحدهم، وله كل الحق، لماذا لم تحُل العقوبات دون استمرار تطوير الصواريخ ودعم الميليشيات في الخارج، بينما يتحجج النظام الإيراني بالعقوبات لتبرير سوء إدارته للأزمة؟ سؤال منطقي، يحتاج لإجابة.
يطل علينا آخر بالقول: أين رئيس هيئة الأزمات؟ الحقيقة أنه في موقف لا يحسد عليه، فهيئته في ظل هذا التضارب بين مؤسسات النظام باتت لا تسمن ولا تغني من جوع، ناهيك عن حملة السخرية والتهكم في استذكار لمذكرة تفاهم بين هيئة الأزمات وبين الحوزة العلمية في قم، إذ تقوم هذه الأخيرة بدور رفع المعنويات والاهتمام بالجانب المعنوي للمتضررين.
إدارة أزمة أم أزمة إدارة؟ وبالحديث عن الحوزة العلمية وهيئة الأزمات يستذكر أحدهم الأموال المخصصة للحوزة العلمية في الميزانية الحكومية لعام 2019، وإذا بها تصل 1868 مليار ريال إيراني، في حين أن المخصص لهيئة الأزمات هو 10 مليارات ريال فقط.
لم تعد إشكالية متلازمة الدولة والثورة لدى النظام الإيراني مصدر قلق له في الخارج وما يترتب عليها من أزمات تفضي إلى عقوبات ومعاناة للمواطن الإيراني فحسب، بل باتت آثارها السلبية تمتد لتلقي بظلالها على الداخل الإيراني وليكون الشعب الإيراني هو الضحية، ليضع تساؤلاً يعلم إجابته مسبقاً: هل نحن أمام إدارة أزمة أم أزمة إدارة؟


*أكاديمي إماراتي