الآن وقد انتهى تحقيق مولر، بوسعنا وضع حد للادعاءات المغلوطة والمستمرة التي تفيد بأن حملة الرئيس ترامب تواطأت مع الروس من أجل مساعدته في الفوز في الانتخابات. وبالمثل، ينبغي أن نضع حداً لخطاب ضار ومستمر مفاده أن الرئيس وإدارته «متساهلان» مع روسيا.
هذا الخطاب تبناه بشكل مستمر عددٌ من مسؤولي إدارة أوباما السابقين (انظر، على سبيل المثال، إلى مقال الرأي الذي نشرته صحيفة «واشنطن بوست» مؤخراً للسفير الأميركي السابق إلى روسيا) وكان تنشره وتروّج له وسائلُ إعلام وطنية تسعى وراء العناوين المثيرة والجذابة. وسائل إعلام حاولت فصل سياسات وأعمال إدارة ترامب المتعلقة بروسيا عن الرئيس نفسه، وفعلت ذلك عبر الانتقاص من الرئيس بسبب كلماته، كما لم تنسب له الفضل في ما قامت به إدارته من أعمال.
والواقع أنني أتفق مع الرأي الذي يرى أن خطاب ترامب بخصوص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينبغي أن يكون أكثر قوة وصرامة، ولكن مثلما يعلم منتقدوه بدون شك، فإن الأعمال المدعومة بالقوة هي المهمة في عالم السياسة الدولية، وليس الخطابات المنمقة على غرار تلك التي كانت تصدر عن أوباما. وهذا صحيح بشكل خاص في ما يتعلق ببوتين. والسجل حتى الآن يُظهر بوضوح أن إدارة ترامب، التي تعمل مع «الجمهوريين» في الكونجرس، أكثر صرامة مع روسيا مما كانت عليه إدارة أوباما.
وعلى سبيل المثال، فبعد أن قامت روسيا بغزو أوكرانيا في 2014، طلب الزعماء الأوكرانيون من الرئيس باراك أوباما أنظمة سلاح مضادة للدبابات قادرة على التصدي لدبابات «تي 72» الروسية الغازية في شرق أوكرانيا.
وفي 2015، حثّ أعضاء من لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ – «ديمقراطيين» و«جمهوريين» - أوباما على تلبية هذا الطلب قصد مساعدة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها. ولكن أوباما رفض. غير أنه بعيد وصوله إلى الرئاسة بوقت قصير، غيّر ترامب هذا المسار، ونتيجة لذلك، يمتلك الأوكرانيون اليوم أنظمة «جافلن» المضادة للدبابات التي حصلوا عليها من الولايات المتحدة. واليوم، يمكن القول إن لدى سائقي الدبابات الروسية الكثير ليقلقوا بشأنه.
إدارة ترامب قامت أيضا بتغيير تردد أوباما في نشر قوات أميركية بالقرب من روسيا مع احتضانٍ كامل لـ «مبادرة الردع الأوروبية». ففي ظرف أكثر من عامين في السلطة فقط، طلب ترامب أكثر من 17 مليار دولار من أجل «مبادرة الردع الأوروبية» مقارنة مع 5 مليارات دولار فقط تم طلبها خلال الثلاث سنوات الأخيرة لأوباما في السلطة. ونتيجة لذلك، أُرسل آلاف الجنود الأميركيين، إلى جانب جنود حلفاء آخرين في الناتو، إلى بولندا ودول البلطيق والنرويج بهدف ردع مزيد من التوسع الروسي.

وفي الشرق الأوسط، أدت سياسات أوباما وأعماله السلبية – بما في ذلك «خط أحمر» سيء الصيت لم يتم فرض احترامه – إلى ظهور تنظيم «داعش» وتركت باباً مفتوحاً للقوات الجوية الأرضية الروسية. ونتيجة ذلك، يحتل الجنود الروس ووكلاؤهم، المتحالفون مع القوات السورية والإيرانية، قطاعات واسعة من الأراضي في سوريا اليوم. غير أن إدارة ترامب أطلقت قوة الولايات المتحدة العسكرية في سوريا، فتزعمت الجهود لتدمير «دولة خلافة» داعش على الأرض ومعاقبة الرئيس السوري عسكرياً بسبب استخدامه للأسلحة الكيماوية. وعندما اقترب الوكلاء المدعومون من روسيا، وربما الجيش الروسي نفسه، من قواتنا في سوريا أكثر مما ينبغي ولم تستجب للتحذيرات وتتراجع، دُمّرت من قبل الجيش الأميركي بشكل ممنهج. وإذا كان الكثير قد قيل وكُتب حول إعلان الرئيس سحب القوات من سوريا، فإنه انتقل منذ ذلك الحين إلى الإبقاء على جنود أميركيين وآخرين تابعين للناتو في البلاد.
وبشكل عام، قُلّصت ميزانية البنتاجون تحت أوباما بـ25 في المئة من 2010 إلى 2016. وعلى نحو غير مفاجئ، تدنت جاهزية بلدنا. وهذا بدون شك شجّع بوتين وجعله أكثر جسارة. وبنهاية رئاسة أوباما، كانت القوات الجوية الأصغر والأقدم على الإطلاق (من حيث عمر الطائرات)، وكان جزء صغير من الجيش الأميركي فقط يتمتع بالجاهزية للحرب.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»