لن يمنع أي مقدار من الحقائق الرئيس دونالد ترامب من إعلان الانتصار، فقد فعل هذا حتى بعد الخسارة التاريخية للجمهوريين في انتخابات 2018. ويدفعني الفضول أن أرى ما سيفعله بهذه الأنباء التي نشرتها «واشنطن بوست» وما تحمله من دلالات في المستقبل القريب. فقد جاء في تقرير ل«واشنطن بوست» أن الاقتصاد الأميركي نما بنسبة 2.2% في الربع الأخير العام الماضي، بحسب بيانات وزارة التجارة، أي أقل من نسبة 2.6% التي قدرتها الحكومة في بداية الأمر وهو دليل آخر على بطء النمو.
لكن ترامب ركز على السرعة التي نما بها الاقتصاد في عام 2018 الذي كان من المتوقع على نطاق واسع أن يكون عاماً قوياً بعد تقليص الضرائب الذي سعى إليه الحزب «الجمهوري» وتقليص الكثير من الإنفاق الحكومي. ويجادل ترامب أن الاقتصاد يستعد للنمو بشكل أكبر، بينما يقول معظم الاقتصاديين إن النمو بلغ قمته العام الماضي. وأضاف تقرير «واشنطن بوست» أن ترامب تباهى بنسبة نمو اقتصادي بلغت 3.1% عام 2018. لكن وزارة التجارة أعلنت رسميا أن الاقتصاد نما بنسبة 2.9% العام الماضي.
ونمو الإنتاج المحلي الإجمالي بنسبة 2.2% ليس سيئاً لكن ليس بالروعة التي أرادت الإدارة أن تجعلنا نعتقد أنه عليها وسيستمر عليها. وبالطبع هناك معايير أخرى لصحة الاقتصاد، وتحديداً البطالة التي أبلت بلاء حسناً للغاية. وأحد الأسس التي أقيم عليها إنموذج ترامب الاقتصادي هو فكرة أن المرء الذي يستطيع خداع شخص ما بشأن القيمة، فإنه سيجد شخصاً آخر ليخدعه. واستطاع ترامب رفض الدفع للباعة الذين قدموا له البضائع والخدمات لأنه ستكون هناك دوماً أنشطة اقتصادية أصغر يستطيع خداعها ويمتلكها أشخاص لا يعرفون الطريقة التي يؤدي بها نشاطه الاقتصادي.
لكن السياسة شيء مختلف لأن المرء يتعين عليه العودة إلى الناس أنفسهم مرات ومرات. فإذا أجريت مفاوضات كارثية مع الكونجرس في قضية ما، سيتعين عليك التفاوض ثانية مع الأشخاص أنفسهم في القضية التالية وقد يكونون غير مستعدين للثقة فيك. وحين تخوض السباق لإعادة انتخابك سيتعين عليك اللجوء إلى الناخبين الذين يعرفون ما قلت لهم في المرة السابقة. وهذا لا يعني أن معظم الناس الذين صوتوا لترامب عام 2016 ليسوا سعداء بما فعله في منصبه بل هم سعداء. ومعظمهم سيصوتون له حتى لو تباطأ نمو الاقتصاد من الآن وحتى نهاية العام المقبل.
 
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»