في 9 أبريل المقبل، سيذهب الإسرائيليون إلى مكاتب الاقتراع من أجل اختيار حكومتهم المقبلة. الحملة الانتخابية كانت إلى حد كبير بمثابة استفتاء حول ما إن كان ينبغي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يبقى زعيماً لإسرائيل في ضوء احتمال توجيه التهم له في ثلاث قضايا فساد. غير أنه مع تركز الأضواء على هذه الفضائح، تم تجاهل الاختلافات في السياسات إلى حد كبير، ما يترك الناخبين الإسرائيليين أمام خطر التسبب لأنفسهم، عن غير قصد، في كارثة لا مفر منها من خلال ضم أراض في الضفة الغربية.
والرئيس دونالد ترامب ضاعف من هذا الخطر لتوه. كيف ذلك؟ في 21 مارس، كتب ترامب على «تويتر» يقول: «لقد آن الأوان لكي تعترف الولايات المتحدة بشكل كامل بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، التي تكتسي أهمية استراتيجية وأمنية كبيرة لدولة إسرائيل والاستقرار الإقليمي!». كان ذلك أحدث وأهم مؤشر من واشنطن بأن ترامب مستعد للاعتراف بسيطرة إسرائيل على مرتفعات الجولان. ولكن تلك المؤشرات تُقرأ أيضاً من قبل اليمين الإسرائيلي على أنها تشجيع لاتباع سياسة ضم الأراضي في الضفة الغربية – وهي خطوة أخطر بكثير من شأنها وضع إسرائيل أمام تهديد وجودي غير مسبوق لطابعها اليهودي والديمقراطي.
والأكيد أن ثمة فرقاً كبيراً بين الإقليمين. فكلاهما خضع للسيطرة الإسرائيلية في حرب 1967. مرتفعات الجولان ذات الكثافة السكانية الخفيفة استولت عليها إسرائيل من سوريا وضمتها إليها في 1981 متحديةً الانتقادات الدولية. وبالمقابل، لكن الضفة الغربية منطقة ذات كثافة سكانية عالية ومصيرُها كان الموضوعَ الأكثر استعصاء على الحل في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني منذ 1967. ومن شأن ضمها أن يحول دون استقلال دولة فلسطينية، كما يمكن أن يشعل منطقة الشرق الأوسط برمتها.
هذا التهديد لم يعد بعيداً. فزعيما حزب «اليمين الجديد» نفتالي بينيت وأيليت شاكيد، وكلاهما وزيران في حكومة نتنياهو الائتلافية، يقودان الحركة المنادية بالضم، وحماسهما امتد إلى حزب نتنياهو («الليكود») أيضاً. فمن أصل نواب «الليكود» الـ29 المرشحين لإعادة الانتخاب، فإن 28 منهم سبق لهم أن أيدوا ضم جزء على الأقل من الضفة الغربية، على غرار اللجنة المركزية للحزب. ولعل الأهم من ذلك أن رئيس الكنيسيت يولي إدلشتاين الذي يُعتبر الاسم الثاني على قائمة الليكود الانتخابية خلف نتنياهو، قال في 17 مارس إن وصف مرتفعات الجولان بكونها «خاضعة للسيطرة الإسرائيلية» في التقرير السنوي الأخير لوزارة الخارجية الأميركية – وهو تحول مقارنة مع تقارير سابقة كانت تصفها بـ«المحتلة من قبل إسرائيل» – إنما يمثّل خطوة أولى مهمة في اتجاه الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية.
بيد أن تحقيق هذا الهدف من شأنه خلق تحديات مؤلمة لإسرائيل لم تعرف مثيلاً لها منذ استقلالها. فمثلما تشير إلى ذلك المنظمة الإسرائيلية «قادة من أجل أمن إسرائيل»، فإن الضم سيكلّف مليارات الدولارات سنوياً، كما من شأنه خلق حدود لا يمكن الدفاع عنها تقريباً بسبب شبكة من المناطق الخاضعة لحكم إسرائيل داخل الضفة الغربية والتي يريد معظم أنصار هذا المخطط ضمها، ومدّ حركة مقاطعة إسرائيل بذخيرة جديدة، وتدمير علاقات إسرائيل الخارجية مع عدد من البلدان.
وفضلاً عن ذلك، فإن من شأن ذلك أيضاً أن يؤدي إلى تعمق واتساع الانقسام الحزبي الذي أخذ يظهر في الولايات المتحدة حول سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين. بل يمكنه أن يفتح أيضاً صدعاً بين نتنياهو وحليفه القوي ترامب، الذي يعتقد أنه قادر على اجتراح صفقة كبرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وذلك عبر جعل أي اتفاق من هذا القبيل مستحيلاً.
ولعل الأهم من ذلك هو أن ضم الضفة الغربية سيعني نهاية التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. كما أنه من المحتمل أيضاً أن يتسبب في وفاة السلطة، ما سيرغم إسرائيل على أن تصبح مسؤولة عن الضفة الغربية، سواء رغبت في ذلك أم لم ترغب. وحينها ستُضطر إسرائيل لمنح الجنسية لـ2.5 مليون فلسطيني الذين يعيشون هناك، مانحة نفسها اختيار الكف عن الاشتغال كدولة يهودية، أو تدمير ديمقراطيتها عبر حرمان الفلسطينيين من المساواة السياسية. وبالتالي، فإذا كان ثمة شيء يمكن أن يهدد حقاً إسرائيل، فهو هذا الأمر. وفي حال خروج نتنياهو منتصراً من جديد، فإن احتمالات سلك إسرائيل هذا المسلك تبدو مرتفعة على نحو خطير. هذا علماً بأن المعسكر المؤيد للضم في إسرائيل لم يضع أبداً مقترحاً مفصلاً حول ما يعنيه هذا الضم.
وخلاصة القول إن الناخبين الإسرائيليين قد يكونون على وشك دخول منطقة رمال متحركة لا يعرفون حتى أنها موجودة.
مايكل جاي. كوبلو
مدير السياسات في «منتدى السياسات إسرائيل» في واشنطن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
https://www.nytimes.com/2019/03/22/opinion/trump-israel-golan-heights.html