تلقت الأوساط الأكاديمية والفكرية في الداخل والخارج بارتياح وسرور نبأ ترشيح أكثر من خمسين خبيراً وأكاديمياً وسياسياً من بلجيكا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا والسويد لسعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وكتابه «السراب» لجائزة نوبل للآداب لعام 2019، وهو المؤلَّف الذي فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع التنمية وبناء الدولة في دورتها العاشرة 2015-2016، ويعد بمنزلة «صيحة» تحذير من مخاطر تغلغل الفكر الديني المتحجِّر للعقول والمؤسسات، وكل مناحي الحياة في العالمَين العربي والإسلامي، كما يمثل دعوة جريئة إلى تفكيك الخطاب المتشدِّد الذي تتبناه بعض الجماعات، بهدف استعادة القيم الإنسانية النبيلة، وتعزيز منظومة القيم الإيجابية التي تسهم في انخراط العالمَين العربي والإسلامي في الحضارة الإنسانية. ولا شك في أن تزامن هذا الترشيح مع احتفالات مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية هذا العام بيوبيله الفضي هو خير تجسيد لمسيرة حافلة من العطاء والإنجازات في خدمة البحث العلمي وإثراء الفكر الإنساني.
إن ترشيح سعادة الأستاذ الدكتور السويدي لجائزة نوبل للآداب لعام 2019 ينطوي على أهمية كبيرة، وله دلالات متعددة، فهو: أولاً، تأكيد للدور الريادي لدولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومساهمتها الفاعلة مع المجتمع الدولي في دعم ثقافة السلام ونشر وتعزيز التعايش العالمي وتعزيز جهود الأمن والاستقرار والتنمية في مناطق العالم المختلفة ومواجهة الأفكار والأيديولوجيات المتطرفة التي غزت العالم في السنوات الماضية، وباتت تهدد المجتمعات والقيم الإنسانية. كما أنه دليل على أن الجوائز والأوسمة العديدة التي حصل عليها سعادته لم تأتِ من فراغ، وإنما استحقها بجدارة نظير إنجازاته وبروزه كنموذج وضاء للعطاء والفكر الخلاق. ثانياً، تقدير خاص لسعادة الدكتور جمال سند السويدي، على جهوده البحثية، وخاصة في مجال محاربة التطرف والإرهاب، وإسهاماته العلمية والمعرفية والفكرية والثقافية، التي لها أهمية كبيرة في تنوير المجتمعات العربية والإسلامية، وبناء قنوات وحلقات اتصال قوية بالثقافات والمجتمعات الأخرى، ونقل صورة صحيحة للثقافة العربية والإسلامية إلى تلك المجتمعات والثقافات، وهو ما ينعكس إيجابياً على صورة دولة الإمارات العربية المتحدة والمجتمع الإماراتي في الخارج. وثالثاً، إن ترشيح مواطن إماراتي لهذه الجائزة يمثل مصدر فخر واعتزاز لأبناء الوطن جميعاً، ويؤكد أن أبناء الوطن النابغين أمثال الدكتور جمال السويدي أحد مصادر قوتها الناعمة، وخاصة أنه استطاع تغيير اعتقاد ساد لفترة طويلة بأن الإسهامات العلمية والنظرية الجادة والحقيقية في حقل العلوم السياسية تقتصر على المفكرين الغربيين، وخاصة أن مؤلفاته العلمية، وعلى رأسها كتاب «السراب» أسهمت في إثراء المكتبات العالمية، وقدمت رؤية عميقة لتطورات المنطقة والعالم ولكن من منظور وطني وعربي.
إن رجلاً بشخصية سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي ومقامه العلمي الرفيع وتجاربه المتراكمة، لا يمكن إلا أن تترك آثاراً تخلده في صورة مؤلفات ودراسات قيمة، ليصبح بذلك علماً من أعلام دولة الإمارات العربية المتحدة، ورائداً من رواد الفكر المستنير في منطقة الخليج العربي، ووجهاً أعطى وما زال يعطي من دون كلل، على الرغم من الإرهاق وعظم المسؤوليات وأحمال السنين وأحزان المشهد العربي المحبطة.
إن ما حققه سعادة الأستاذ الدكتور جمال السويدي سواء في المجال العلمي أو الأكاديمي، أو على مستوى المسؤوليات المتعددة التي يتولاها، أو على صعيد إثراء المكتبة العربية والخليجية بالعديد من الأعمال التي سدت فراغاً ولبت حاجات الباحثين وأغنت الفضاء المعرفي في الخليج والوطن العربي، لهو أمر يدعو إلى الفخر، ويمثل في الوقت نفسه، مصدر إلهام للآخرين من أبناء هذا الوطن الذين يسعون إلى خدمة بلدهم ممن يتمتعون بالشفافية وحسن الأداء، واضعين نصب أعينهم همّ الوطن والمواطن، وكاسرين حاجز المستحيل، والزارعين لثقافة التفاؤل والإيجابية المنتجة والإبداع الذي يقود إلى التفوق والنجاح في ظل القيادة الحكيمة لدولة الإمارات العربية المتحدة، هذه القيادات التي نالت احترام وإعجاب شعبها وشعوب العالم، فتلك هي حقاً «بصمات خالدة.. وشخصيات صنعت التاريخ وأخرى غيّرت مستقبل أوطانها».
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية