نجح مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية منذ تأسيسه في عام 1994 في وضع أسس التميز في مجال العمل البحثي الاستراتيجي، وتمكن من ترسيخ مكانته ومصداقيته، باعتباره أحد أهم مراكز البحوث والدراسات في المنطقة والعالم. لقد تحققت هذه المصداقية ليس فقط نتيجة الأنشطة الفكرية والعلمية التي تميَّز بها المركز، وتنوعها ما بين إصدارات علمية، وأوراق سياسية، واستشارات، وتدريب للكوادر البحثية المواطنة، وإنما أيضاً لحيوية الدور الذي يقوم به في بناء الفكر الاستراتيجيِّ، ونشر المعرفة، وتثقيف الرأي العام، محلياً وعالمياً، فضلاً عن تقديم التوصيات والمقترحات البناءة لمعالجة التحديات التي تؤثر في الاستقرار والأمن الوطني والإقليمي.
لقد استطاع «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» أن يتحول إلى مصدر موثوق به لفهم تفاعلات وتطورات منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط، من قبل المهتمين بهاتين المنطقتين في العالم، ما غيّر المعادلة التي كانت سائدة لسنوات طويلة، حينما كان هناك اعتماد على إصدارات مراكز الدراسات والبحوث الغربية للإطلالة من خلالها على منطقتنا، وهذا بلا شك إنجاز نوعي كبير للمركز جعل العالم يتعرف على القضايا الوطنية والخليجية والعربية والشرق أوسطية من خلال مركز أبحاث وطني وليس من خلال المراكز الغربية الأخرى، التي كانت -وما تزال- تجهل الخصوصية الحضارية والمجتمعية والثقافية والدينية لدول المنطقة.
إن المصداقية الكبيرة التي حققها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في محيطَيْه الإقليمي والدولي لم تأت من فراغ، وإنما نتاج العديد من العوامل: أولها، الرؤية الواضحة والجهد المستمر في تطوير آليات عمل المركز ليكون مواكباً لمسيرة التنمية والتطور التي تشهدها الإمارات في المجالات كافة. ثانيها، الجدية والموضوعية والدقة التامة، واتِّباع معايير علمية رصينة فيما يتعلق بالمعلومات التي يوفرها في جميع إصداراته، سواء كانت كتباً، أو نشرات يوميَّة، أو مقالات وتحليلات تنشر في المجلات التي يصدرها المركز، أو تقارير دورية أو غير دورية، ولهذا فقد أصبحت هذه المنتجات العلمية محل ثقة مطلقة ليس فقط داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وإنما في العالم كله. وثالثها، إعلاء ثقافة الإبداع والابتكار، وهي الثقافة التي سعى المركز من خلالها إلى إنتاج كل ما هو جديد ومختلف، والتوصُّل إلى أفكار جديدة مبتكَرة تساعده على تحقيق أحد أهدافه، وهو استشراف المستقبل، فالابتكار يعد أحد المقوِّمات الرئيسة والجوهرية من أجل البقاء والاستمرار والتطوُّر والتقدُّم. رابعها، الإيمان بأهميَّة قيمة الحوار كأداة من أدوات التواصل الفكري والثقافي بين المفكرين والمثقفين، وكوسيلة مفيدة في توليد الأفكار الجديدة والمبتكرة، ومن ثمَّ يسعى المركز إلى تعظيم هذه القيمة بدرجة كبيرة والاستفادة منها، لأنها تنعكس بشكل إيجابي على إنتاجه العلمي والفكري، وتعزز من مصداقيته بين مراكز الأبحاث والدراسات على الصعيدين الإقليمي والدولي.
إن المصداقية العالمية الكبيرة التي بناها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية خلال الخمسة والعشرين عاماً الماضية ترجمت في العديد من الشواهد، لعل أبرزها استضافة المركز العديد من قادة وزعماء ورؤساء العالم للتحدث في فعالياته المختلفة، باعتباره أحد المنابر المهمة التي تتيح لهؤلاء التعبير عن رؤى دولهم تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية، كما أصبحت إصدارات المركز المتنوعة تمثل مراجع رئيسة في العديد من الجامعات العربية والدولية، لما تتسم به من دقة وموضوعية، فقد قدم المركز إلى الباحثين والقراء، على مدى ربع قرن في مختلف أركان العالم، آلاف الدراسات والبحوث، ونظَّم مئات الأنشطة والفعاليات، كما أثرى الساحتين الفكريتين العربية والدولية بنحو 1176 إصداراً، وفق أدق معايير النشر العلمي، من حيثُ الأصالة والمصداقية والجدة والتوثيق، كما حصل العديد من هذه الإصدارات على جوائز عدة داخل الدولة وخارجها، وهو ما يعكس القناعة برصانة الإنتاج البحثي للمركز، فضلاً عن موضوعيته وقدرته على التفاعل مع تطورات المنطقة والعالم، وتقديم رؤى استراتيجية شاملة ومستقبلية للتعامل الفاعل معها.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية