قبل ستة أعوام، كان لي شرف إنهاء ما تبقى من مظاهر التمييز الصريح على أساس النوع في الحكومة، إلى جانب رئيس هيئة الأركان المشتركة وقتئذ الجنرال «مارتن ديمبسي»، الذي فتح كل الوظائف العسكرية أمام النساء المؤهلات. وكثيراً ما يسألني الناس ما إن كان قرار وضع النساء على الخطوط الأمامية للمعركة قراراً صعباً. ولكنه لم يكن كذلك. فعندما اتخذنا القرار، كانت العديد من النساء تخدمن في مناطق القتال منذ بعض الوقت. وفضلاً عن ذلك، فإن لدى الجيش مسؤولية صون وحماية القيمة الأميركية الأهم المتمثلة في تكافؤ الفرص للجميع.
والواقع أن جاهزية جيشنا تحسّنت من خلال منح كل فرد مؤهل فرصة الخدمة في الجيش. ومنذ 2013، قامت النساء بالعمل الصعب المتمثل في كسر الحواجز السابقة ضمن سلسلة من الإنجازات المذهلة التي تتحقق لأول مرة: أولى النساء اللاتي يتخرجن من كلية «رينجر سكول» العسكرية التابعة للجيش، وأول امرأة تتخرج من الدورة الأساسية لضابط المشاة التابع لسلاح مشاة البحرية، وأولى النساء اللاتي ينضممن إلى وحدات مشاة الجيش، وأول امرأة تصبح «إيربورن رينجر»، وهذا العام فقط، تخرجت أول امرأة من «دورة القادة الجبليين الشتوية» الصعبة جداً. هذه القائمة ستطول إلى أن تشغل امرأة كل وظيفة كانت مغلقة أمامها سابقاً، صعوداً إلى أن تصل إلى قمة سلسلة القيادة.
غير أنه للأسف هناك أشخاص ما زالوا متشبثين بالأحكام المسبقة القديمة رغم حقائق الحاضر والمستقبل. وفي هذا الصدد، عادت بعض الحجج لتطفو على السطح من جديد، حجج من قبيل: ألا مكان للنساء في المعارك، يزعم القائلون بها إن الجيش عمد إلى خفض المعايير الجسمية من أجل قبول النساء في تلك الوظائف، وأن النساء يُعقن تماسك الوحدة وانسجامها.
هذه هي الحجج المألوفة التي سمعناها مرارا وتكرارا خلال عملية اتخاذ القرار لإنهاء التمييز على أساس النوع في الجيش. وهي ليست غير صحيحة فحسب، ولكنها أيضا منفصلة كلياً عن واقع الجيش اليوم.
أولا، في ما يتعلق بخفض المعايير والتأثير سلبا على جاهزية الجنود للمعركة، فيمكن القول إن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة. والحقيقة هي أن المعايير الجسمية المحايدة فيما يتعلق بالنوع وُضعت لكل وظيفة كانت مغلقة من قبل، في حين كان المعيارُ الوحيد في السابق هو النوع. وقد أمضى الجيش ثلاث سنوات في إجراء دراسات علمية مكثفة وحدّد بشكل دقيق المهارات والقدرات الجسمية والعقلية اللازمة لكل وظيفة. وعبر فتح كل الوظائف أمام النساء، وضمان استيفاء كل شخص في تلك الوظائف لهذه المعايير، تحسنت الجاهزية العسكرية الفعلية.
أما بخصوص الحجة الثانية، فإن تحميل النساء المسؤولية وحرمانهن من الخدمة في وظائف معينة ليس هو الجواب المناسب قطعا. والواقع أن أحد أهم الأسباب لإنهاء التمييز على أساس النوع ضد النساء في الجيش كان هو حقيقة أن الجيش عانى من معضلة الاعتداء الجنسي، ويواصل العمل من أجل تغيير ثقافته التي كانت تعتبر مرتبة النساء تاريخيا دون المساواة مع الرجال. والحال أن أكثر الطرق فعالية للتعاطي مع الاعتداء الجنسي تكمن في زيادة عدد النساء في مناصب القيادة في الجيش. فالمساواة في القيادة هي المفتاح للمساواة في الخدمة في الجيش.
إننا في حاجة إلى النساء في الجيش بأعداد أكبر من أي وقت مضى، ونريد أفضل العناصر في الخدمة العسكرية وأن تكون لديهن الفرصة للتقدم والترقي بغض النظر عن النوع. وفي هذا الصدد، فإن أحد العوامل الرئيسية في إقناع القيادة العسكرية العليا، التي كانت لديها تخوفات بشأن النساء في القتال، هو أن «الخطوط الأمامية» للمعركة تغيرت بشكل جذري. فهذه الأخيرة لم تستطع إنكار أن نساء مثل السيناتورة تامي داكوورث (الديمقراطية عن إيلينوي) كن يخدمن في المعارك، ولعبن أدواراً أساسية في حربينا في العراق وأفغانستان. وقد قُتلت أكثر من 80 امرأة في القتال منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية.
ثمة اليوم مئات النساء اللاتي يخدمن في وظائف كانت مغلقة من قبل أمامهن، وعشرات الآلاف من النساء الأخريات اللاتي يتطلعن إلى فعل الشيء نفسه. وهذا ليس هو الوقت لعكس الاتجاه وإضعاف خدمتهن أو إضعاف جاهزيتنا العسكرية عبر استبدالهن. والواقع أن الولايات المتحدة قوية لأن الجميع يستحقون فرصة لخدمة بلدنا. فأن تقاتل من أجل وطننا ليس امتيازا للبعض، بل حق وواجب لكل الأميركيين في القرن الحادي والعشرين.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»