احتفلت دول العالم يوم 8 مارس باليوم العالمي للمرأة، حيث جاءت معظم المطالبات العالمية برد الاعتبار للمرأة وإعطائها جميع حقوقها الإنسانية التي تليق بها كإنسان. وفي دول الخليج ظهرت عدة مقالات وتعليقات إعلامية تشيد بالتغيرات التي حصلت وتحصل في الخليج العربي لصالح المرأة، كما برزت بعض المطالبات الجريئة التي تحاول إلقاء الضوء على قضية العنف الأسري في بلدان المنطقة.
الكاتبة الكويتية «دلع المفتي» كتبت في صحيفة «الجريدة» حول العنف الأسري، وأوضحت أن نسبة المعنفات في الكويت وصلت إلى 53% من النساء في البلاد. وقالت: ربما لا تصدقون أن هناك آباء وإخوة يقومون بضرب بناتهم وأخواتهم ضرباً مبرحاً، يؤدي بهن إلى غرفة الطوارئ، وعند سؤالهم يقولون: إن الفتاة حاولت الانتحار، ليتم زج المسكينة في مستشفى الطب النفسي والتخلص منها.
النائبة الكويتية «صفاء الهاشم»، كشفت من جانبها عن أن قانون مكافحة العنف الأسري، سيتم إنجازه قريباً، وأنه يتضمن عقوبات بالسجن تتراوح بين سنة وسبع سنوات بحق مرتكب العنف الأسري، ووفق كل حالة على حدة.
الأكاديمية السعودية الدكتورة مها بنت عبدالله المنيف، اعتبرت في بحث قدمته لمنتدى التنمية الخليجي في الكويت، في فبراير 2019، أن ظاهرة العنف ضد المرأة في الخليج ليست جديدة في العديد من المجتمعات، لكن الاهتمام بها هو المستجد مؤخراً، من خلال الكتابات الأكاديمية والبحوث العلمية والتواصل الفعال مع العالم الخارجي عبر العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت.. حيث أصبحت قضية رأي عام وتم تسليط الضوء عليها. لقد أكدت الكاتبة أن هذه الظاهرة عالمية يتراوح انتشارها بين 10 و70% في بعض الدول، وأوضحت بأن هناك أنواعاً متعددة للعنف الأسري؛ منها النفسي والجسدي والجنسي، علاوة على سلوكيات السيطرة. وذكرت أن نسبة من يتعرضون للعنف الأسري في بعض البلدان الخليجية يتراوح بين 25 و40%.
ويبقى السؤال: ما هي الأسباب التي أدت إلى تزايد العنف ضد المرأة في الخليج؟ وما هي الخطوات التي تم اتخاذها لمعالجة هذه الظاهرة؟
من أهم الأسباب تفشي الثقافة الذكورية في العالم العربي عموماً، والنظرة الدونية للمرأة باعتبارها مواطنة من الدرجة الثانية أو كإنسان قاصر، وأن القوامة للرجل. والمعضلة أن النظرة الدونية للمرأة تسربت إلى الكتب الدراسية، حيث يتم تعليم أطفالنا في كثير من الحالات أن المرأة ضعيفة وعاطفية وأقل جدارة بنيل حقوقها الاجتماعية والاقتصادية.
بعض دول الخليج العربية تتحرك ببطء لمعالجة المشكلة، حيث يتم سن قوانين لمكافحة العنف ضد المرأة، ومع ذلك فثمة بوادر إيجابية للغاية. ففي السعودية تمت الموافقة على نظام الحماية من العنف والإيذاء في عام 2013، وعلى نظام حماية الطفل في عام 2014. وفي الكويت أُنشئت الإدارة العامة للشرطة المجتمعية في عام 2008. وفي البحرين خصصت الخطة الوطنية لنهوض المرأة في عام 2013 قسماً خاصاً يناقش العنف ضد المرأة. وفي دولة الإمارات تم إنشاء نيابة الأسرة والأحداث في عام 2009.
نأمل أن تخطو المرأة في الخليج خطوات أكبر نحو التقدم والنمو، فلا يمكن لأي مجتمع أن ينهض من دون إعطاء المرأة كامل حقوقها المجتمعية.

*أستاذ العلوم السياسية -جامعة الكويت