توحي رئاسة دونالد ترامب، منذ البداية، بتشابهات بينها وبين سنوات جيمي كارتر. وبرغم الاختلاف في شخصية الرجلين، فإنهما يشغلان فيما يبدو مساحة مشابهة في منحنى التاريخ السياسي. فكلاهما من خارج المؤسسة السياسية وقد سيطر على حزب سياسي منقسم ومنهك لكنه مازال قوياً، وكلاهما حاول دفع تحالفاته إلى تشكيل أيديولوجي جديد، وكلاهما سيطر على أغلبيات تشريعية لكنه لم يحقق شيئاً من خلالها.
وكما كان كارتر واسطة بين الليبرالية القديمة للصفقة الجديدة والمجتمع العظيم وبين عصر الريجانية والليبرالية الجديدة، نجد أن رئاسة ترامب تلفظ أنفاسها الأخيرة وتفتح باباً محتملاً لمستقبل تتنافس فيه الاشتراكية والشعبوية اليمينية على السيطرة. لكن إذا كان ترامب يمثل شخصية كارتر، فمن هو المستعد للعب دور ريجان، المنافس الأيديولوجي الطموح الذي فاز بالرئاسة ودشن بالفعل عملية إعادة التنظيم؟
والإجابة الصحيحة قد تكون: لا أحد، لأن التاريخ لا يكرر نفسه. لكن إذا أمعنا النظر بحثاً عن التكرار، سنجد أن انتخابات 2020 التمهيدية تقدم شخصية واضحة تتمثل في بيرني ساندرز. وإذا كنت تشك فيما أقول، فلتنظر إلى التشابهات. فكما قام ريجان بمحاولته في الانتخابات الرئاسية التمهيدية ضد جيرالد فورد عام 1976، خاض ساندرز حملة انتخابية كادت تنجح ضد هيلاري كلينتون التي جسدت مؤسسة الحزب الديمقراطي. ومثل ريجان، يُنظر لساندرز باعتباره أكبر سناً من أن يُنتخب رئيساً. ومثل ريجان أيضاً، يعتبر ساندرز على نطاق واسع متطرفاً بدرجة تحول دون ترشيحه ودون فوزه بالتأكيد، وبعض الديمقراطيين يخشون أن يدعم ترشيحه الزخم لسياسي من حزب ثالث، وقد يكون هاوارد شولتز مستعداً لهذا الدور، كما دفع ريجان بجون اندرسون إلى خوض السباق باعتباره ليبرالياً جمهورياً.
التشابه ليس تاماً بالتأكيد، لكن التشابهات القائمة مثيرة للاهتمام على أقل تقدير. والتناظر في الحجج التي أوردها الخبراء بشأن عدم قدرة ساندرز وريجان على الفوز تجعلني متفائلاً إلى حد ما بشأن فرص فوز الاشتراكي من ولاية فيرمونت عام 2020. ومع وجود ساندرز رسمياً في السباق، تتزايد أسباب التفاؤل. فكل معيار طبيعي يجعل ساندرز وافر الحظ ومرشحاً يبدو أقوى من كل منافسيه المعلنين. فما جمعه من مال مثير للاهتمام، واجتماعاته الحاشدة كبيرة، ومعدلات التأييد له في استطلاعات الرأي المبكرة جيدة، ومن المحتمل تزايدها.
والجدل بأن ساندرز لديه صفات مشتركة مع ريجان لا يعني أنه سيكون بالضرورة أكثر الديمقراطيين حظاً في الفوز بالانتخابات، أو أن ترشيحه لن يعرض الحزب كثيراً للخطر. فقد كان ريجان خياراً خطيراً بالفعل في عام 1980، ولم يكن انتصاره متوقعاً بحال من الأحوال. لكن الدفع بهذه الحجة يعني أنه إذا أراد المرء رئيساً جديداً يحقق تحولاً، فهناك مزايا واضحة في انتخاب شخص ارتبط مشوار حياته كله بتمرد أيديولوجي. وانتصار ساندرز سينبه السياسيين الأكثر تقليدية لأن يفهموا أنهم في واقع سياسي جديد يؤكد انتهاء العالم السابق بصرف النظر عما تشير إليه أرقام استطلاعات الرأي في قضية ما. ومن الواضح أن توجه ساندرز هو المسار الذي يريد قطاع كبير من الحزب الديمقراطي سلوكه. ومع ضعف ترامب وتشابهه مع كارتر، هناك فرص معقولة جداً لانتخاب شخص بناءً على برنامج ينتمي بشدة للجناح اليساري.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»