أصدر مجلس وزراء خارجية دول «منظمة التعاون الإسلامي» (إعلان أبوظبي) في ختام أعماله بالعاصمة الإماراتية في الثاني من مارس 2019 الذي تضمن 50 مادة تتعلق بمختلف القضايا الراهنة، وتحدد ملامح التنسيق والتعاون المشترك بين الدول الأعضاء. وأكد الإعلان الالتزام باحترام أمن الدول الأعضاء وسيادتها وحل الخلافات عن طريق المفاوضات.. كما تضمن الإعلان الترحيب بمبادرة دولة الإمارات لعقد هذه الدورة تحت شعار«خمسون عاماً من التعاون الإسلامي: خارطة الطريق للازدهار والتنمية».
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية زعمت في بيان لها أن «إعلان أبوظبي الصادر عن المؤتمر الـ 46 لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي- لم يأخذ باعتراضها وبعض الوفود الأخرى التي لم تسمها- حول فقرة الجزر الثلاث، ما دفع إلى انسحاب وفدها من قاعة المؤتمر». والواقع أن رئيس الوفد الإيراني لم ينسحب من الجلسة، وواصل الحضور بعد تسجيل تحفظ بلاده على البيان الختامي، وهو ما يحدث عادة في حال أرادت أي دولة عضو تسجيل اعتراضها على فقرات أو بنود وفق قوانين المنظمة التي تمنحها هذا الحق وتسليمه خطياً وهو ما حصل. كما أن قواعد الاجتماع تعطي الحق للدولة المستضيفة بوضع البيان الختامي.
ومحاولة طهران التشويش على مخرجات البيان الختامي تعكس أنها لن تتمكن من تسيير المنظمة التي تضم 57 دولة حسب توجهاتها السياسية، وها هي تحاول عبثاً الظهور بمظهر الدولة ذات الوزن المؤثر في المنظمة لذا تتحدث عن انسحابها من الاجتماع وهو ما لم يحصل فعلياً.
وبخصوص الجزر الإماراتية الثلاث طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى التي تحتلها إيران، فإن هذه الأخيرة دولة لا تحترم المبادئ العالمية للحوار والحلول السلمية؛ لذا ترفض تماماً التحكيم لحل قضية الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها، كونها تدرك أنه ليس لديها أي سند قانوني أو تاريخي.
وضمن هذا الإطار، قال معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في تغريدات على «تويتر»: «الحساسية الإيرانية المفرطة حول احتلالها جزر الإمارات غير مفهومة، طهران تحرج نفسها في كل منتدى دولي لأن احتلالها يبقى غير قانوني وغير شرعي وغير معترف به..». وأضاف قرقاش: «قضية الجزر الإماراتية المحتلة مثال واضح على أن منطق الاحتلال والقوة والأمر الواقع لا يصنع شرعية دولية ولا يقنن الاحتلال».
إيران تجاهلت بعمد التغيرات الحاصلة في العلاقات الإقليمية والدولية، ولم تكن في وارد، أن تشعر بالجو العام الإيجابي المحيط بها في هذا الاجتماع، وقد تضمن إعلان أبوظبي، مبادئ ونقاط ذات ملامح إيجابية تدعو للسلام والوئام والتقارب، وفي سياقه كان حرياً بإيران أن تأخذ به، وهي تواجه ضغوطاً داخلية ودولية بالحظر الاقتصادي والمالي!
هل كانت إيران مغيبة، فلم تلتفت لهذه الفرصة الذهبية لو أرادت أن تتفهمها الدول الأعضاء المشاركة وهي في «عاصمة التسامح» أبوظبي، لكن هذا دأبها وسلوكها السياسي المتعجرف الذي طغى عليها، فحاولت التشويش على نتائج الدورة، بادعائها أنها انسحبت؟ ففي الحقيقة لم تنسحب، وبذلك فشلت في لي عنق النص لتخرج على النص!