تعكس استضافة أبوظبي للدورة السادسة للقمة العالمية للمحيطات التي انطلقت، يوم الثلاثاء الماضي، وتستمر حتى اليوم الخميس، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، التقدير الدولي الكبير للإمارات، والثقة بتوجهاتها وجهودها الهادفة إلى حماية البحار والمحيطات، من أجل تعزيز دور الاقتصاد الأزرق في التنمية الشاملة والمستدامة. وهذا ما عبر عنه بوضوح سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي في تصريحات بهذه المناسبة، حيث أكد سموه: «أن حماية المحيطات والبحار والموارد البحرية تشكل أولوية بالنسبة إلى دولة الإمارات لتحقيق التنمية المستدامة». وهذه حقيقة راسخة، فالحفاظ على التنوع البيولوجي البحري والنظم البيئية الطبيعية بوجه عام، يعد نهجاً ثابتاً منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي عمل على حماية البيئة والحفاظ عليها، وكانت له إنجازاته المشهودة في هذا المجال، ويتعزز هذا النهج في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وهو ما يتجسد في العديد من الخطط والرؤى التي تستهدف الحفاظ على البيئة والموارد المائية، لعل أبرزها: خطة أبوظبي البحرية 2030، وشبكة زايد للمحميات البحرية، والأجندة الوطنية لـ«رؤية الإمارات 2021» التي تستهدف المحافظة على الموارد المائية، وتعزيز الاعتماد على الطاقة الخضراء، وفق مؤشرات تضمن استمرارية التنمية المستدامة.
ويرتبط مفهوم الاقتصاد الأزرق الذي طرح للنقاش خلال مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة الذي عقد في يونيو 2012 بمدينة ريو دي جانيرو في البرازيل، بالتنمية الشاملة والمستدامة والحد من تداعيات تغير المناخ والقضاء على الفقر في العالم، ويركز بشكل رئيس على حماية البيئات البحرية من أجل حماية الاقتصادات العالمية المترابطة وتحقيق الاستدامة على المدى الطويل، خاصة أن المياه تغطي 70% من مساحة الكرة الأرضية، كما تلعب المحيطات دوراً رئيساً في ربط الدول بعضها ببعض، وتسهم في تطوير حركة التجارة والاقتصاد عبر العالم، ولهذا فإن دولة الإمارات تضع في مقدمة أولوياتها حماية المحيطات والبحار والموارد البحرية، باعتبارها تعد من أكثر الموارد الطبيعية أهمية وقيمة، حيث يشكل الاقتصاد المستدام للمحيطات فرصة حقيقية أمام بلدان العالم لحماية التنوع البيولوجي فيها، والمحافظة على أمنها الغذائي والمناخي.
وتحرص الإمارات ضمن خططها التنموية على تطوير دور الاقتصاد الأزرق باعتباره يسهم بدرجة كبيرة في سياسة تنويع الدخل التي تنتهجها الدولة، وهذا ما أوضحه معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة في تصريحات على هامش فعاليات الدورة السادسة للقمة العالمية للمحيطات، حيث أكد معاليه أن البيئة البحرية كانت وستظل دائماً العصب الرئيس لاقتصاد دولة الإمارات، وأن الاقتصاد الأزرق يسهم بنسبة 68% من الإنتاج الإجمالي المحلي للدولة.
وتعد الإمارات الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط التي تستضيف القمة العالمية للمحيطات، وهذا يجسد التقدير الدولي لجهودها في مجال الحفاظ على البيئة البحرية وتسليط الضوء على قضايا الاقتصاد الأزرق الذي يتزايد الاهتمام به بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة، ويحسب لهذه القمة، التي تعتبر الأكبر على مدى دوراتها السابقة، أنها تسلط الضوء على طبيعة المشاكل التي تهدد البحار والمحيطات وتؤثر في البيئة بوجه عام، مثل الصيد الجائر والتلوث والنفايات البلاستيكية، كما تضع المقترحات والحلول الكفيلة بالتصدي لهذه التحديات من ناحية، وتعزيز الاقتصاد الأزرق من ناحية ثانية، كما تمثل هذه القمة فرصة حقيقية أمام بلدان العالم لحماية التنوع البيولوجي من ناحية ثالثة.
لقد أدركت الإمارات أهمية الاقتصاد الأزرق في تعزيز جهود التنمية الشاملة والمستدامة في جميع دول العالم، وأسهمت بدور فاعل في التوعية بأهمية الحفاظ على البيئة والموارد المائية باعتبارها أهم مرتكزات تطوير الاقتصاد الأزرق، كما دعت أمام العديد من المحافل الإقليمية والدولية إلى ضرورة التنسيق بين دول العالم فيما يتعلق بتنظيف البحار والأنهار والمحيطات من المواد الدخيلة التي تعتبر من أهم العوامل المسببة للتلوث البحري، ولهذا فإنها تعتبر من الدول الرائدة في مجال الاقتصاد الأزرق، وتمثل جهودها في تطويره نموذجاً يحتذى به إقليمياً وعالمياً.
عن نشرة "أخبارالساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية