في عام 2015، كنا بين 30 امرأة من أنحاء العالم اجتمعن ليعبُرن المنطقة الكورية منزوعة السلاح التي تفصل كوريا الشمالية عن كوريا الجنوبية منذ وقف «مؤقت» لإطلاق النار أنهى الحرب الكورية قبل 65 عاماً.
وشاركنا في المسيرة كي نوضح أن هذا الصراع الذي عفا عليه الزمن يتعين ألا يظل يفصل الأسر ويحظر الاتصالات وألا يستخدم كمسوغ لزرع الألغام الأرضية وإنتاج الأسلحة النووية واستمرار الالتزام العسكري الأميركي المكلف والقائم منذ فترة طويلة.
وكان من بيننا نساء حصلن على جائزة نوبل للسلام لمساعدتهن في إحلال السلام في ليبيريا وأيرلندا الشمالية.
وعقدنا منتدى سلام في بيونج يانج مع مئات من نساء كوريا الشمالية وشاركنا في مسيرة مع الآلاف في العاصمة وفي مدينة كايسونج.
وبعد عبور المنطقة منزوعة السلاح شاركنا في مسيرة مع الآلاف أيضاً من نساء كوريا الجنوبية على امتداد سياج الأسلاك الشائكة في منطقة «باجو»، ولم نكن نتوقع قط أنه بعد ثلاث سنوات فحسب سيجتمع زعيما الشمال والجنوب في المنطقة منزوعة السلاح، ويعلنا أنه «لن يكون هناك حروب أخرى في شبه الجزيرة الكورية». وهذا دفع إلى خطوات نحو السلام الذي شاركنا في المسيرة من أجله.
فقد تصافح جنود من الجانبين وأزالوا نقاط حراسة وبدأت عملية إزالة الألغام من المنطقة منزوعة السلاح.
والواقع الجديد يُنسب الفضل فيه إلى الزعماء الكوريين وعزمهم على إنهاء المأزق الذي فصل الشعبين لنحو ثلاثة أجيال.
وللأسف، تتوقف فرص إحلال السلام على واشنطن التي ظهر فيها تقسيم كوريا على امتداد دائرة العرض 38 لأول مرة في خريطة لمجلة «ناشيونال جيوغرافيك» رسمها مسؤولان أميركيان.
لكن جانباً كبيراً من الدور الأميركي تركز على إجبار كوريا الشمالية على نزع أسلحتها النووية من جانب واحد كشرط مسبق لمحادثات السلام.
لكن هذا النهج رجعي. فكي نقنع شخصاً ما بوضع السلاح جانباً يتعين إقناعه أولاً بأنه لن يضار.
ويتعين إحلال السلام أولاً لخلق الظروف اللازمة لنزع الأسلحة النووية.
والرئيس ترامب تحركه على الأرجح الرغبة في فعل ما لم يستطعه الرؤساء السابقون وهو إنهاء الحرب الكورية فعلًا، وربما حقق انفراجة على هذا الصعيد.
وتوفر قمته الثانية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون فرصة مثالية.
ويجب أن يكون على قمة الأولويات القيام بعملية لإنهاء أطول حروب أميركا أمداً والتحرك نحو السلام.
لكن مازال من الخطورة أن نلقي بالآمال على ترامب الذي انسحب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى. وهنا يأتي دور الكونجرس.
فيجب عليه تقديم حل ينهي رسمياً مشاركة أميركا في الحرب الكورية، ويدعو الرئيس إلى تدشين عملية تهدف إلى السير نحو اتفاق سلام.
ويزدهي الكونجرس الحالي بأكبر عدد من النساء في التاريخ، ويجب أن يسعى إلى تأكيد مشاركة النساء في كل جزئية من العملية.
فقد شهدنا في غالب الأحوال استبعاد النساء من محادثات السلام رغم أن الدراسات تشير إلى أن النساء حين يقمن بدور في السلطة فمن المرجح بشكل أكبر بكثير أن يجري توقيع اتفاقات وأن تصمد هذه الاتفاقات.
وأقر الكونجرس «قانون النساء والسلام والأمن» عام 2017 ووقع عليه ترامب بهدف زيادة مشاركة النساء في عمليات السلام لمنع الصراعات والقضاء عليها والمشاركة في عمليات إعادة الإعمار بعد الصراعات.
وقد حان الآن تطبيق هذا.
والنساء اللائي انتخبن في الكونجرس حملن معهن الالتزام بقضايا ذات تأييد شعبي مثل «الرعاية الصحية للجميع» ومجانية الرسوم الدراسية في الجامعة ومواجهة تغير المناخ.
لكن هذه الأهداف ستظل أحلاماً مادام التمويل مقيداً بإنفاق الولايات المتحدة 700 مليار دولار في العام على الجيش.
وإنهاء الصراع الكوري حيوي ليس فقط للكوريين لكن أيضاً للأميركيين.
ومعظم الأميركيين لا يدركون الدور المحوري الذي تلعبه الحرب الكورية في خلق المركب الصناعي العسكري.
فقد أشار المؤرخ «بروس كمينجز» في جامعة شيكاغو إلى أن الحرب الكورية «كانت فرصة تحولت بها الولايات المتحدة إلى بلد مختلف تماماً عما كانت عليه من قبل.
فقد أصبحت بلداً له مئات القواعد العسكرية الدائمة في الخارج وجيش كبير ودولة أمنية قومية دائمة في الداخل». وباعتبارنا امرأتين تحديتا المعترضين على عبور المنطقة المنزوعة السلام، ربما لن نعرف أبداً الفرق الذي أحدثناه.
لكننا رأينا عن كثب تأثير الحرب على حياة الكوريين ونعلم تأثير الإنفاق العسكري الأميركي الهائل على حياتنا.
لقد حان وقت إنهاء حرب من أطول الحروب.
جلوريا ستاينيم وكريستين آهن: مؤسِستا حركة «نساء عبر المنطقة المنزوعة السلاح» العالمية الهادفة لتحقيق السلام في شبه الجزيرة الكورية.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»