كلمة «الاشتراكية» عادت مرة أخرى إلى السياسة الأميركية، حين أشار الرئيس ترامب في خطاب «حالة الاتحاد» إلى أنه يراها سلاحاً في مواجهة القائمة المتزايدة من مرشحي الحزب «الديمقراطي» للبيت الأبيض. صحيح أن صفة «اشتراكي» ظلت لفترة طويلة يُنظر إليها باعتبارها كلمة مقيتة في الحياة السياسية الأميركية، لكن هذا ربما تغير. وبعض خصوم ترامب يقدمون بالفعل مقترحات جذرية للضرائب واللوائح على أكثر الناس ثراء. وخصوم ترامب جزء من توجه أوسع يتزايد ويؤثر في دول كثيرة.
وهذا ليس مسعى نحو الاشتراكية بمعناها الكلاسيكي المتمثل في إحلال ملكية الدول وسيطرتها محل اقتصاديات السوق. إنه بحث عن أسئلة على مشكلة حتى السياسيين من التيار الرئيس يعترفون بها بشكل متزايد، وهو أن رأسمالية السوق الحرة لم تعد تقوم بدورها بالطريقة الواجبة. والجدل في السياسة يختلف من بلد لآخر، لكن القضية المحورية واحدة وهي تركز قوة اقتصادية هائلة في يد عدد صغير للغاية من الأفراد والشركات في القمة بينما آخرون- ليس فقط ممن في القاع، بل أيضاً في الوسط- يكافحون لمجرد البقاء في اقتصاد عالمي يتغير بطريقة تتجاوز إدراكهم.
وحتى انهيار الأسواق عام 2008، كان اتفاق الآراء في الغرب يفضل على نطاق واسع السياسات المؤيدة للأنشطة الاقتصادية على الجهود الصريحة لمعالجة التفاوت في الثروة. لكن المناخ الآن اختلف، فقد ساعد تدفق الاستياء الاقتصادي في إذكاء صعود سياسيين شعبويين، من بينهم ترامب. ففي إيطاليا، فاز ائتلاف شعبوي بالسلطة محمولاً بوعود، من بينها ضمان حد أدنى من الدخل. وفي بريطانيا، تولت رئيسة الوزراء البريطانية المنصب متعهدة بمعالجة محنة الطبقة العاملة. وفي فرنسا، استجاب الرئيس ايمانويل ماكرون على موجة من الاحتجاجات في الشوارع بالموافقة على دعم جديد بقيمة 12 مليار دولار لأصحاب المعاشات. ويعتزم أيضا استخدام الاجتماع السنوي هذا الصيف للدول الصناعية السبع للضغط من أجل فرض حد أدنى من الضرائب متفق عليه دولياً على أكبر الشركات، ومن بينها عمالقة التكنولوجيا لمنعها من العثور على دول تدفع فيها ضرائب أقل.
وما نشهده ليس أول تحد كبير للرأسمالية التي تعود جذورها إلى 250 عاماً في كتابات الفيلسوف الإسكتلندي آدم سميث. ففي كتابه «ثروة الأمم» الذي نشر أول مرة عام 1776، جادل سميث أنه من خلال «اليد الخفية» للسوق الحرة، سيؤدي السعي لتحقيق المصلحة الذاتية إلى رخاء الجميع، لكنه أكد أيضاً على التعاطف الإنساني الذي من المفترض أن يحد من أنانية بعض الأفراد بإجراءات تصحيحية كقوانين مكافحة الاحتكار ونقابات العمال ونمو دولة الرفاهية الحديثة. فالمناخ السياسي المتغير له تأثير في ما يبدو في الولايات المتحدة أيضاً. فقد أشار استطلاع للرأي أجرته فوكس نيوز، على سبيل المثال، أن حتى غالبية الجمهوريين المسجلين يفضلون الآن فرض ضرائب أعلى على الأثرياء.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»