تواجه أكبر منطقة يوجد بها غطاء جليدي دائم خارج القطبين الشمالي والجنوبي تهديداً في الوقت الراهن. وهذه المنطقة، التي تمتد عبر أفغانستان وتمر بشمال غرب باكستان، هي سلاسل جبال «هندو كوش» التي تشكل الامتداد الغربي لجبال الهيمالايا. وتغذي الكتل الجليدية في هذه المنطقة 10 أحواض نهرية كبرى وتحافظ على بقاء بعض من أكثر دول العالم اكتظاظاً بالسكان وتنوعاً بيولوجياً. ويعتمد زهاء 240 مليون إنسان مباشرة على هذه الكتل الجليدية في الوصول إلى المياه العذبة، بينما يستفيد 1.9 مليار نسمة بصورة غير مباشرة من تدفقاتها.
لكن بحلول نهاية القرن الجاري، يمكن أن يذوب على الأقل ثلث الكتل الجليدية في هذه المنطقة، إن لم يكن الثلثين، بحسب تقرير صادر عن «المركز الدولي للتنمية المتكاملة للجبال»، والذي يتخذ من «كاتماندو» عاصمة نيبال مقراً له. ومن المرجح أن تؤدي خسارة كتل جليدية إلى ظهور مزيد من البحيرات، وتزيد الفيضانات في المنطقة المثقلة بالفعل بالكوارث الطبيعية. وسيكون لذلك تداعيات خطيرة على الزراعة وأمن الطاقة في المنطقة، التي تعتمد على طاقة المياه. لكن في خضم بوادر الاضطراب، أشار الباحثون إلى وجود طريق إلى الازدهار من خلال استثمارات عملاقة بين الدول مقترنة بجهود محلية ووطنية منسقة عن كثب.
فعلى الصعيد العالمي، على الدول أن تتبنى سياسات تحولية تواكب التغير المناخي، بحسب الباحثين. وأما على الصعيد المحلي، فمن الممكن أن تساعد حملات التوعية وتحسين النقل على تحذير الناس بشأن الظروف الخطرة، وتمكنهم من الحفاظ على سلامتهم. ويحض التقرير على ضرورة توجيه عناية خاصة للتعليم وتمكين المرأة، بالنظر إلى أنهن بالفعل يتحملن كثيراً من مسؤوليات الزراعة والتغذية في المناطق الجبلية الوعرة. ومن دون تدخل، من الممكن أن يفاقم المناخ من المخاطر القائمة ويزيد من فجوة المساواة بين الجنسين. ويؤكد الباحثون أن تنسيق الجهود لتقليص تداعيات التغير المناخي وتعزيز المرونة في مواجهة الكوارث على المستوى المجتمعي سيساعد في تمكين الناس من الخلاص من الفقر والعيش في سلام وازدهار.
كلارينس ليونج
كاتب من هونج كونج مقيم في الولايات المتحدة
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»