كان الأمر الملفت للنظر في جولة وزير الخارجية «مايك بومبيو» الأوروبية هذا الأسبوع هو المؤتمر الذي عقد في وارسو، والذي أشيد به كثيراً. وقبل المؤتمر، قال رئيس الدبلوماسية الأميركية للصحفيين إنه يريد التحدث عن «مستقبل الاستقرار والازدهار في الشرق الأوسط». بيد أن القمة، التي كانت تهدف في البداية إلى إظهار الوحدة الدولية ضد إيران، تبدو وكأنها ستكشف التناقضات في قلب سياسة الإدارة الأميركية تجاه هذه المنطقة.
الاختلافات حول نهج الولايات المتحدة بشأن إيران ربما هي السبب في تشكك العديد من الدول الأوروبية في مؤتمر وارسو. فقرار ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 وإعادة فرض العقوبات ترك الشركاء الأوروبيين في الاتفاق في خلاف مع واشنطن. وكان البعض يخشى من أن الولايات المتحدة ستتبنى لهجة أكثر تصادمية خلال الاجتماع هذا الأسبوع.
وكتبت «ترودي روبين» في صحيفة «فيلادلفيا انكوايرر» في 8 فبراير الجاري أن «الضغط على نظام طهران قد أصبح محور ما تمر به استراتيجية ترامب في الشرق الأوسط. لقد أوضح الرئيس وكبار مسؤوليه أن هدفهم الحقيقي هو تغيير النظام». هذا هو التصور الذي سعى بومبيو لمواجهته. فقد قال لراديو «فويس أوف أميركا» العام الماضي «إن الأمر لا يتعلق بتغيير النظام». ولتوسيع الاتفاق في مؤتمر بولندا، قامت الحكومة الأميركية بإعادة ترتيب الحدث بحيث يكون تركيزه على إيران، لكنها أيضاً تضع نصب عينها الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني والحروب في اليمن وسوريا.
وفي نفس الوقت، مع ذلك، فإن مهمة «بومبيو» في وارسو تم تقويضها من قبل حلفاء إدارة ترامب –وحتى هؤلاء الذين داخل الإدارة نفسها. لقد كان «رودي جولياني»، عمدة نيويورك السابق ومحامي الرئيس ترامب، في وارسو هذا الأسبوع، أيضا. ولم يظهر مع وزير الخارجية بل في الحشد الذي نظمته جماعة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة. وقال للحشد يوم الأربعاء الماضي: «نريد أن نرى تغييراً للنظام في إيران». وتوقع مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض «جون بولتون» علانية تغيير النظام في إيران قبل أن ينضم إلى إدارة ترامب، مشيراً في وقت سابق إلى أن هذا قد يحدث قبل نهاية عام 2018. ومثل «جولياني»، فقد انحاز مع «مجاهدي خلق» بالرغم من افتقار الجماعة إلى التأييد داخل إيران. بيد أن «بولتون» خفف من لهجته منذ انضمامه إلى البيت الأبيض، بالرغم من أنه يلجأ أحياناً إلى خطابه القديم. وعلى سبيل المثال، فقد نشر «بولتون يوم الاثنين الماضي شريط فيديو يخاطب مباشرة «آية الله علي خامئيني»، المرشد الأعلى في إيران، وأشار إلى أنه في غضون بضع سنوات، ربما لا يكون نظامه في السلطة –وهي الرسالة التي قوضت لهجة بومبيو الأكثر حذراً. كما انتقد ترامب النظام على وسائل الإعلام الاجتماعية. وقال على «تويتر» يوم الاثنين الماضي «لم يتمخض النظام في إيران سوى عن 40 عاماً من الفشل»، مع نشر صورة لمتظاهر إيراني. إدارة ترامب- حسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» قامت بتسريع برنامج أميركي سري لتخريب الصواريخ الإيرانية –وهي خطوة بدأت، خصوصاً، عندما كان «بومبيو» يقود وكالة الاستخبارات المركزية. والأسوأ من ذلك، أنه في نفس اليوم الذي اجتمع فيه «بومبيو» وآخرون في وارسو، ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أن هجوماً انتحارياً قد وقع على نخبة من الحرس الثوري الإيراني وأسفر عن مقتل 40 شخصاً. وبالرغم من أن اللوم في هذا الهجوم يقع على جماعة مرتبطة ب«القاعدة»، أشار وزير خارجية إيران إلى أن التوقيت لم يكن مصادفة. وبدلاً من اقتراح التوحد بشأن إيران، أبرز مؤتمر بومبيو خلافات بين مختلف الفصائل في إدارة ترامب.
*كاتب متخصص في الشؤون الخارجية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرقس»