من جنوب فلوريدا ووسط حقول الذرة الحلوة ونبات القرع والبامية التي تتناثر خارج ميامي، تمتص صفوف من الألواح الشمسية أشعة الشمس. وتضفي السماء الصافية لوناً أزرق على الخلايا الشمسية شديدة السواد. إنها تقف مثل الحراس صامتة في انتظار التنشيط.
في يوم عاصف في منتصف شهر يناير، تقوم بعض الألواح فقط بتحويل الأشعة الذهبية إلى كهرباء من أجل الاختبار. وفي أماكن أخرى من الحقل الذي تبلغ مساحته 465 فداناً، يمر عمال البناء في ستراتهم الساطعة وخوذاتهم الصلبة عبر الحشائش للوصول إلى مجموعات من الأسلاك التي تتدلى في نهايات كل صف، في انتظار ربطها ببقية المنشأة. وبالرغم من أنها ولاية الشمس الساطعة، تأخرت فلوريدا طويلاً عندما يتعلق الأمر بالاستفادة من الأشعة الغزيرة. بيد أن هذا يتغير الآن مع بدء شركات المرافق في الولاية في الاعتراف بالطاقة الشمسية كمكون حيوي لمستقبل أمن الطاقة المتنوعة. يقول «جيمس فينتون»، مدير مركز فلوريدا للطاقة بجامعة فلوريدا الوسطى «إن هذه المرافق تنشر الطاقة الشمسية بشكل لا يُصدق». لم تكن شركات الطاقة في فلوريدا دائماً صديقة للطاقة الشمسية. ففي عام 2016، أنفقت الصناعة 20 مليون دولار على مبادرة تمت بناء على اقتراح للحد من التوسع في الطاقة الشمسية السكنية.
ولكن فيما تصبح الطاقة الشمسية أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية، تبحث شركات المرافق في الولاية الآن عن فرصة أكثر للمنافسة في هذه التكنولوجيا.
ويعكس تبني مرافق فلوريدا الجديدة للطاقة الشمسية صدى الاتجاهات الملموسة في جميع أنحاء البلاد، حيث تحولت الطاقة الشمسية كمصدر متجدد للطاقة من اهتمام هامشي لأنصار البيئة الأثرياء إلى جزء تقليدي من إنتاج الطاقة. وبما أنها أصبحت مصدراً رئيسياً للطاقة، فهناك عنصر من الارتياح في التعامل معها (بالنسبة للمرافق العامة)، كما هو الحال في أي مصدر آخر لتوليد الطاقة». ومع وفرة أشعة الشمس، تحتل ولاية فلوريدا المرتبة التاسعة في الولايات المتحدة من حيث إمكانات الطاقة الشمسية.
ولكن حتى عام 2015، كان 0.1 بالمئة من طاقة الولاية يأتي من الشمس، بيد أن شيئاً ما تغير في الآونة الأخيرة. ففي 31 يناير الماضي، قامت أكبر شركة للطاقة في الولاية، وهي شركة فلوريدا للطاقة والإنارة بإطلاق أكثر من مليون لوح شمسي بإجمالي طاقة يبلغ 300 ميجاوات عبر أربع حقول شمسية جديدة، بما في ذلك مشروع مقاطعة ميامي- داد. وقامت شركة فلوريدا للطاقة والإنارة بتشغيل ثماني محطات للطاقة في عام 2018، ما رفع إجمالي قدرة الشركة من الطاقة الشمسية إلى أكثر من 1200 ميجاوات.
وفي شهر يناير، تعهدت شركة فلوريدا للطاقة بتثبيت 30 مليون لوح إضافية بحلول عام 2030، وهو ما يمكن أن يضاعف الطاقة الكهربائية المولدة من الطاقة الشمسية بنسبة 10 أضعاف. أما ثاني أكبر مزوِّد للطاقة في الولاية، شركة «ديوك إنيرجي فلوريدا»، فلديها خطط للحصول على أكثر من 700 ميجاوات من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030، وحتى مع هذه الإضافات الأخيرة، لا تزال الطاقة الشمسية لاعباً صغيراً في فلوريدا.
ففي نهاية عام 2018، كانت الطاقة الشمسية تشكل 1.07% فقط من إجمالي ما تستهلكه الولاية من مصادر طاقة، بيد أن التصاعد السريع يعكس تحولاً أوسع نطاقاً يحدث على الصعيد الأميركي بشكل عام. وفي الوقت الحالي، تستمد الولايات المتحدة 1.3% من إجمالي طاقتها الكهربائية من الطاقة الشمسية، ما يكفي لإمداد 11.3 مليون منزل أميركي بالكهرباء. ويتوقع محللون أنه، خلال السنوات القليلة القادمة، سيستمر نمو الطاقة الشمسية بخطى سريعة ليتفوق على طاقة الرياح، التي تساهم حالياً بنحو 6% من كهرباء الولايات المتحدة. ومن الممكن أن يمثل مصدراً للطاقة المتجددة، الشمس والرياح، مجتمعتين 10% من الكعكة الوطنية في وقت مبكر من هذا العام.
بيد أن قصة الطاقة الشمسية في فلوريدا فريدة من نوعها، وبعض الطرق التي تبرز بها فلوريدا بين الولايات الأخرى تجعلها مؤشراً جيداً بشكل خاص على الوضع المكتشف حديثاً للطاقة المتجددة كمصدر رئيسي. وقد قامت العديد من الولايات الرائدة في مجال الطاقة الشمسية، مثل ماساتشوسيتس وفيرمونت وكاليفورنيا بتثبيت الطاقة الشمسية في إطار دفعة تشريعية لتنويع قطاع الطاقة سعياً وراء خفض الانبعاثات. غير أن صناع القرار في فلوريدا لم يحددوا متطلبات محددة للطاقة المتجددة أو حتى أهدافاً طموحة. ولعل هذا جزء من السبب في أن ولاية الشمس المشرقة لا تقود التغيير نحو الطاقة الشمسية.
إيفا بوتكين
كاتبة أميركية متخصصة في العلوم والبيئة والتكنولوجيا
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»