عبر معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي، مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات، خلال أعمال «المنتدى العالمي لحوكمة الذكاء الاصطناعي» في نسخته السنوية الرابعة التي أقيمت على هامش فعاليات القمة العالمية للحكومات، عن رؤية دولة الإمارات الطموحة الخاصة بالاستثمار في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والعمل على توظيفها بكفاءة في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، حيث أكد معاليه «ضرورة تضافر الجهود الدولية لتحقيق الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي الذي بات متشعباً ومتسارع النمو؛ لأنه لا يمكن لأي دولة أن تنجح بمفردها في تفعيل فرصه والاستعداد لتحدياته». إن دعوة الإمارات لتنسيق وتضافر الجهود الدولية لتحقيق الاستثمار الأمثل في الذكاء الاصطناعي تعبر عن إدراك عميق لتزايد أهميته في الآونة الأخيرة، حتى بات أحد المعايير التي تقيس قوة وتنافسية الدول في المجالات كافة؛ ولهذا فإن الإمارات تسعى إلى تعزيز التعاون بين الدول في هذا المجال، من أجل مواكبة التطورات السريعة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتوظيفها بكفاءة عالية، خاصة فيما يتعلق بالقطاعات الاقتصادية والخدمية وآليات عمل المؤسسات والأفراد ومختلف جوانب الحياة اليومية لجميع شعوب العالم.
لقد أدركت الإمارات منذ وقت مبكر أهمية الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، باعتباره ضرورة لتعزيز تنافسيتها على خريطة الدول المتقدمة، ومن هذا المنطلق، جاءت استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في أكتوبر 2007، لتمثل خطوة متقدمة في مسار توطين تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الإمارات، والاستفادة منها في الارتقاء بمستوى الأداء الحكومي، وتسريع الإنجاز، وإيجاد بيئات عمل مبدعة ومبتكرة ذات إنتاجية عالية، وذلك من خلال استثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي، وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة رفيعة المستوى، واستثمار الطاقات كافة على النحو الأمثل، واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوافرة بطريقة خلاقة تعجِّل تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية لبلوغ المستقبل، كما تهدف هذه الاستراتيجية إلى أن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم في استثمار الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعاتها الحيوية، وخلق سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، ودعم مبادرات القطاع الخاص وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير، وأن يتم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بحلول عام 2031، بحيث يتعين على جميع الجهات الحكومية في الدولة اعتماد الذكاء الاصطناعي، وذلك بما ينسجم وأهداف «مئوية الإمارات 2071» الساعية إلى أن تكون دولة الإمارات الأفضل في العالم في المجالات كافة.
إن استثمار الإمارات في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وحرصها البالغ على تعزيز التعاون بين الدول في هذا المجال إنما يعكس طموحها المستقبلي؛ كي تكون مركزاً إقليمياً ودولياً في مجال الذكاء الاصطناعي، وخاصة أنها تمتلك كل المقومات التي تؤهلها لذلك، سواء فيما يتعلق بجهودها المتواصلة في توطين التكنولوجيا المتقدمة أو في الاستثمار في بناء قاعدة من الكوادر المواطنة المتخصصة من خلال منظومة التعليم التي بدأت تهتم في مراحلها المختلفة بتدريس التكنولوجيا المتقدمة وخاصة الذكاء الاصطناعي ضمن مناهجها أو من خلال الانفتاح على التجارب الدولية الناجحة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز الشراكة معها. وهذا كله يترجم في المرتبة المتقدمة التي تحصل عليها الإمارات في التقارير التي تقيس تطبيق حلول الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، حيث تصدرت المرتبة الأولى إقليمياً في تبنّي الشركات والمؤسسات لحلول الذكاء الاصطناعي بمعدل نمو سنوي يبلغ 33.5 بالمئة، وذلك وفقاً للتقرير الصادر عن مركز دبي التكنولوجي لريادة الأعمال «ديتك» التابع لسلطة واحة دبي للسيليكون في شهر ديسمبر الماضي. في الوقت ذاته فإن فوز دولة الإمارات العربية المتحدة بتنظيم تحدي «فيرست جلوبال» أكبر تحدٍّ في العالم في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات في أكتوبر 2019، لتكون الدولة الأولى في المنطقة التي تفوز في هذا التحدي، يعد تقديراً لجهودها ومبادراتها الرائدة الهادفة إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والاستفادة من مخرجاتها في تحسين أوضاع جميع شعوب العالم.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية