يتنبّأ المتابعون لقضايا الإرهاب أن الشرق الأوسط عرضةٌ لتزايد العمليات الإرهابية، وخاصة في مناطق النزاعات المسلّحة، وسيتزامن ذلك مع تراجع للدور الأميركي في المنطقة بصورة غير مسبوقة عسكرياً، ودعم بلا حدود للجانب الإسرائيلي الذي سيكرّس جّل جهده لتوسيع الاستيطان، وتضييق الخناق على الجانب الفلسطيني سياسياً، وتقليص المساحة الجغرافية للفلسطينيين كدولة. بينما ستقبل جميع الأطراف النشطة في الساحة الدولية مشروعية الوجود العسكري التركي في سوريا والعراق، بجانب الوجود المتأصّل في الجذور للجانب الإيراني. وإلى جانب روسيا ستدخل الصين لاعباً مهماً، حيث يعدّ التمركز القواعدي العسكري في الشرق الأوسط كجزء من مرحلة إعادة البناء والوصول للثروات الكامنة في تلك المنطقة، والتحوّل في محاور القوى الذي ستلعب فيه الولايات المتحدة دور العرّاب الذي يراقب من بعيد بعد أن ضمن حصته.
وفيما يخص الصراع اليمني لربما استمر الوضع على ما هو عليه لسنوات ثلاث أو أربع قادمة، حتى وإن كانت هناك مصالحة أممية ووجود لقوات السلام الدولية، وإصدار الجانبين هدنة وتوسيع لدائرة الحوار الوطني، إلا أن كل ذلك لن يكون فعّالاً في ظل تشابك المصالح بين الأطراف المختلفة، وغياب الرغبة الشعبية الجامعة، ودور الجماعات الكثيرة المتناحرة والتركيبة السكانية المذهبية والحزبية والقبليّة لليمن في تمديد فترة الصراع، وصعوبة الوصول إلى سلام مؤسّسي وطني، مع الأخذ بعين الاعتبار انه ليس لدى أي من الجانبين اليمنيين المتصارعين تفوقاً عسكرياً لتحقيق النصر الصريح، فمن المتوقع أن تستمر الحرب خلال الفترة ما بين 2019 – 2022، والتي ستكون بشكل أو بآخر أقرب لحرب الميليشيات منها للحرب النظامية. ومن جهته سيواصل الأسد تعزيز سيطرته على سوريا، وستستمر عملية إعادة تطبيعه مع إقامة علاقات دبلوماسية مع عدد متزايد من الدول.
كما تدور التكهنات المبنية على ما يجري خلف الكواليس بين إسرائيل وإيران حول احتمال نشوب صراع كبير بين إسرائيل وإيران على الأراضي السورية، وضرب بعض المصالح الإيرانية على الأراضي العراقية، وحروب بالوكالة وحروب ذكية ستتأثر بها بعض دول الخليج. وفي الجانب الأوروبي تقف بريطانيا على حافة هاوية أزمة تزحف ببطء، ولكن بثبات نحو تأزّم أكبر، ولربما استمر فشل البرلمان في الاتفاق على نسخة واحدة للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، مما سيعيد القضية إلى الناخبين في استفتاء ثانٍ لاستعادة سمعة المملكة المتحدة في مواجهة الهوس الأيديولوجي، وقد تكون هناك انتخابات عامة في بريطانيا عام 2019. وأما في فرنسا سيقوم الرئيس «ماكرون» بالشروع في الإصلاحات المتعلّقة بالمعاشات التقاعدية، والتأمين ضد البطالة وتنظيم الأعمال. وفي بقية أوروبا الغربية سيستمر تقدّم اليمين المتطرّف والشعوبيين في المسرح السياسي، وقد يكون هناك المزيد من المطالبات بالتخلي عن الاتحاد الأوروبي، خاصة في إيطاليا، والتي يشكّل عدم الامتثال في ميزانيتها لحدود الاتحاد الأوروبي توجهاً خطيراً في العلاقات المتبادلة بين الدول ذات المساهمات الكبرى في ميزانية الاتحاد الأوروبي. وقد تشهد البرلمانات الأوروبية انقساماً وجدلاً متعاظماً في القادم من السنوات، وستشهد السنة الحالية الانطلاقة الأبرز لهذا الانقسام، حيث إن هناك ثلاث دول أوروبية مهددة بالإفلاس في 2019.
وفي الجانب الأميركي، يبدو أن الجمود السياسي في وتيرة متصاعدة، وتنامي حروب التجارة والاقتصاد مع الصين والتهديدات الصينية لسلسلة التوريد والتكنولوجيا، والتوسع العسكري، خاصة البحري، وجهود الصين لتقويض العقوبات على كوريا الشمالية وإيران، وهو مرتبط بالعلاقة بين الاقتصاد والدبلوماسية والتوسع والهيمنة. ومن جهة أخرى يعتقد البعض أن سنة 2019 هي سنة سقوط سوق العقارات عالمياً والاتجاه نحو الكساد الكبير الجديد، حيث إن العالم في انتظار عاصفة مالية، ووفقاً للشواهد التاريخية فإن العالم يشهد أزمة مالية كل عشر سنوات تقريباً، مما يعني أن العالم قد يكون على أعتاب أزمة مالية جديدة تلوح في الأفق، وهو ما سيحدّد آليات التدخل الغربي في صراع الشرق الأوسط، خاصة ّ أن الديّن الأميركي سجل ارتفاعاً قياسياً خلال فترة حكم الرئيس الحالي «دونالد ترامب»، وقد ارتفع الديّن العام الأميركي ليصل لأول مرة إلى 21 تريليوناً و13 مليار دولار، وتمثل الولايات المتحدة والصين واليابان أكثر الدول اقتراضاً في العالم، حيث يبلغ نصيبها أكثر من نصف الديّن العالمي، وبلوغ الديّن العالمي 184 تريليون دولار من شأنه أن يسبب كارثة اقتصادية عالمية، وهذا من شأنه التأثير على قدرة السداد وعجز الموازنة للدول الكبرى، وخطراً كبيراً على الناتج المحلي الإجمالي، والصرف على التسليح والتدخّل العسكري.