ترجمة لتوجه الإمارات الخاص بتوطين التكنولوجيا المتقدمة، خاصة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والاستثمار في بناء قاعدة من الكوادر المواطنة المؤهلة والخبيرة في هذا المجال، كشفت معالي جميلة المهيري، وزيرة دولة لشؤون التعليم العام، مؤخراً - خلال مشاركتها بالجلسة الحوارية الرئيسة، ضمن فعاليات اليوم الثالث للمهرجان الوطني للعلوم والتكنولوجيا والابتكار- عن اعتزام وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارة الدولة للذكاء الاصطناعي، توفير مناهج خاصة بالذكاء الاصطناعي قريباً، ضمن جهود مواكبة التوجهات المستقبلية للدولة. فيما أكد معالي عمر سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي، أهمية هذا التوجه، قائلاً: «تعلمنا من قادتنا، أن نخدم دولتنا بكل ما أوتينا من علم ومعرفة، وأن نوسع آفاقنا وتطلعاتنا لمجاراة مسيرة الإمارات المتفردة في المجالات كافة، والذكاء الاصطناعي ليس ترفاً، بل حاجة ملحة تساعدنا على تنويع مصادر قوتنا وريادتنا، وعلينا أن نلهم بعضنا بعضاً، وأن نراكم الإنجازات لنفاخر العالم بدولتنا».
توجه وزارة التربية والتعليم لاستحداث مناهج دراسية خاصة بالذكاء الاصطناعي يتأسس على جملة من الاعتبارات المهمة: أولها، أنه يواكب استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في أكتوبر 2007، وتستهدف أن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم في استثمار الذكاء الاصطناعي في مختلف قطاعاتها الحيوية، وإيجاد سوق جديدة واعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، بالإضافة إلى بناء قاعدة قوية في مجال البحث والتطوير، وأن يتم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بحلول عام 2031، بحيث يتعين على جميع الجهات الحكومية في الدولة اعتماد الذكاء الاصطناعي، وذلك بما ينسجم وأهداف «مئوية الإمارات 2071» الساعية إلى أن تكون دولة الإمارات الأفضل في العالم في المجالات كافة. وثانيها، الاستثمار في بناء أجيال جديدة من المواطنين المتخصصين في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والقادرين على توظيف مخرجاتها بكفاءة في مختلف مجالات العمل، وبالشكل الذي يسهم في تسريع تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية الطموحة لدولة الإمارات. ثالثها العمل على توطين التكنولوجيا المتقدمة، إذ إن تعليم الطلاب منذ المراحل الدراسية المبكرة أُسس الذكاء الاصطناعي، يسهم في تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، الذي يأتي في مقدمة أولويات القيادة الرشيدة في الإمارات، من منطلق إدراكها العميق لأهمية التكنولوجيا في دعم القطاعات التنموية المختلفة، وكذلك في تعزيز تنافسية الدولة على خريطة الاقتصاديات المتقدمة، ولهذا فإنها دائماً ما تشجّع المواطنين على الانخراط بقوة في مجالات العمل التي تقوم على أعقد التكنولوجيات الحديثة في إطار سعيها إلى بناء اقتصاد قائم على المعرفة والعلوم والمعارف العصرية والتكنولوجيا الحديثة.
إن توجه وزارة التربية والتعليم نحو توفير مناهج خاصة بالذكاء الاصطناعي قريباً لا ينفصل عن المبادرات والجهود المتواصلة التي تقوم بها العديد من الجهات التعليمية بهدف تشجيع الطلاب على تعلم التكنولوجيا العصرية وامتلاك أدواتها المختلفة، وخاصة معاهد التعليم المهني والتقني التي تحرص على أن تقدم المناهج التعليمية مجموعة العلوم الأساسية في مجال التكنولوجيا، التي تبنى عليها التطبيقات كافة، والتي تدخل في شتى مناحي الحياة العصرية، وأن يتم تطوير هذه المناهج وفقاً للمواصفات العالمية التي تتضمن محتوياتها كل ما استجد من علوم ومعارف وتطبيقات حديثة. هذا فضلاً عن الاستراتيجيات الوطنية التي تستهدف تنمية مهارات المواطنين في مجال التكنولوجيا، كـ «السياسة العليا لدولة الإمارات في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار»، التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في نوفمبر 2015، وتتضمن 100 مبادرة وطنية، وميزانية تزيد على 300 مليار درهم حتى عام 2021، وذلك بهدف الاستثمار في المواطن الإماراتي، والارتقاء بمعارفه في مجال العلوم والتكنولوجيا، كما ترمي إلى دعم عدد من المجالات، أهمها أبحاث الفضاء، وصناعات الطيران المتخصصة، والصناعات الدوائية العالمية، ودعم أبحاث الطاقة الشمسية، والطاقة النووية السلمية، وبرامج الذكاء الاصطناعي، وغيرها من المجالات التي تخدم توجه الإمارات نحو بناء اقتصاد المعرفة.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية