«نرحّب برجل المحبة البابا فرنسيس في دار زايد» بتلك الكلمات التي أعلنها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة استقبلت دولة الإمارات العربية المتحدة بالأمس البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في مستهل عام التسامح الذي أعلن عنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله. وبابا الفاتيكان هو السادس والستون بعد المائتين والذي يشغل منصب الحبر الأعظم منذ عام 2013م وهو الرجل الذي يعرف عنه «بالقادر على إحداث تغييرات». ومن المفارقات أن يأتي البابا فرنسيس، وهو المعروف بأنه الأول في عدة أمور، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تتقلد أيضاً المرتبة الأولى في العديد من المجالات على المستوى العربي والدولي. فالبابا فرنسيس هو الأول الذي يتم انتخابه في أعقاب مجمع‏ انتخابي هو الأقصر في تاريخ المجامع المغلقة للكنيسة الكاثوليكية، وهو أول بابا من العالم الجديد وأميركا الجنوبية والأرجنتين، كما أنه أول بابا من خارج أوروبا منذ عهد البابا جريجوري الثالث (731م – 741م) وهو أول بابا راهب منذ جريجوري السادس عشر (831م – 1846م)، وهو أول بابا يسوعي، وقد اختار البابا اسم فرنسيس المشهور بالدفاع عن الفقراء، والبساطة، والسلام.
والجميع يدرك مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة وريادتها في العديد من مجالات التنافسية العالمية ولكن الأمر الذي أصبحت لا ينافسها فيه أحد هو ريادتها في مجال التسامح والذي خصصت له قيادة الدولة عاماً كاملا يحمل اسمه ويزخر بالفعاليات والمبادرات ترسيخاً أيضاً لقيم ومبادئ ومكانة التسامح باعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من نسيج شعب الإمارات العربي المسلم الذي يشتهر على مستوى العالم العربي بشكل خاص ودول العالم بشكل عام بحبه للتسامح والتعايش مع الثقافات المختلفة وتقبل الآخر.
التسامح أمر يحض عليه الدين الإسلامي الحنيف، إضافة إلى أنه قد دعا إليه وركز على ترسيخه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه- مؤسس دولة الإمارات وباني نهضتها الذي قال: «إن نهج الإسلام هو التعامل مع كل شخص كإنسان بغض النظر عن عقيدته أو عرقه».
ولقد أسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – دولة ليس فقط على أساس مواردها الاقتصادية وموقعها الجغرافي الاستراتيجي ومكانتها العربية والإسلامية بل أيضا على أساس إرادة مواطنيها القوية وتسامحهم. وهنا تأتي زيارة البابا فرنسيس للإمارات، وهي الزيارة الأولى لبابا الكنيسة الكاثوليكية لدولة خليجية، تتويجاً للجهود والسياسات والبرامج التي أرستها قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة منذ إنشائها في الثاني من ديسمبر 1971م، في مجالات التسامح والتعايش السلمي وقبول الآخر في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه – والآن تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، وإخوانهما أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وبتوجيهات وحكمة ورؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. فمجتمع الإمارات، الذي يضم ما يناهز 200 جنسية مختلفة يتبع أصحابها الديانات السماوية والعديد من المعتقدات الأخرى، يعيش فيه ما يقارب مليون من الإخوة المسيحيين التابعين للكنيسة الكاثوليكية ستسنح لهم الفرصة صباح الغد لرؤية والاستماع للبابا فرنسيس في ساحة مدينة زايد الرياضية. وبذلك تكون دولة الإمارات العربية المتحدة قد ترجمت الأقوال والدعوة إلى التسامح إلى واقع يفخر به مواطن الإمارات كما يلمسه المقيم والزائر.