مثل الإغلاق الجزئي للحكومة، والذي دخل أسبوعه الخامس قبل أن ينهيه الرئيس ترامب أول من أمس، أزمة قومية. لكن عدم وجود جدار حدودي -المستخدم لتبرير الإغلاق– ليس كذلك، إذ أن عدد المخاوف على الحدود الجنوبية تراجع بنسبة 75% منذ عام 2000، وأصبح المهاجرون أكثر التزاماً بالقانون من المولودين في الولايات المتحدة، ومعظم المواد المخدرة تأتي عبر الموانئ القانونية للدخول. لكن لا تأخذوا كلامي أمراً مسلماً به. يقول النائب «ويل هيرد» (جمهوري – تكساس)، والذي تضم منطقته 820 ميلا من الحدود الأميركية – المكسيكية، إن أزمة الحدود «خرافة» وإن الجدار هو «حل من القرن الثالث لمشكلة في القرن الـ21».
وليس أمام الرؤساء التنفيذيين سوى القليل من الوقت والطاقة. وبينما يركز ترامب على أزمة جانبية، فهو يتجاهل أزمات فعلية، التغير المناخي وانفلات السلاح والمواد المخدرة والديون وظاهرة الشعبوية وصعود قوى دولية جديدة منافسة للولايات المتحدة.
-التغير المناخي: أصدرت كل من الحكومة الأميركية والأمم المتحدة تقاريرَ تعكس توافق آراء علماء المناخ، إذ تحذر من أن الاحترار العالمي يتسارع، وتوضح أن انبعاثات الغازات الدفيئة في الولايات المتحدة ارتفعت بنسبة 3.4% عام 2018، ودرجة حرارة المحيطات بنسبة 40% أسرع مما توقعت الأمم المتحدة قبل خمس سنوات، والجليد في جرينلاند وانتركاتيكا يذوب بمعدل أسرع مما كان متوقعاً.
- عنف السلاح: إن أميركا بها قطع سلاح فردي أكثر من عدد الناس، وقد قُتل نحو 40,000 شخص في عام 2017 نتيجة العنف، وهو أعلى مستوى خلال نصف قرن. ووفقاً لمجموعة الرقابة على السلاح «إفري تاون فور جن سيفتي»، فإن «الأسلحة النارية هي ثاني الأسباب الرئيسية المؤدية لوفاة الأطفال والمراهقين الأميركيين».
-المواد الأفيونية: إن المخدرات تقتل الناس حتى أكثر من الأسلحة. فقد توفي أكثر من 70,000 أميركي نتيجة تناول جرعات زائدة من المخدرات عام 2017، وهو رقم قياسي، بسبب رواج «الفينتانيل»، وهو أفيون صناعي أقوى 50 مرة من الهيروين. وارتفع عدد الوفيات نتيجة تناول جرعات زائدة منه بنسبة 45% منذ 2016 وبنسبة 833% منذ 2013.
-الديون: تذكر لجنة الموازنة الفيدرالية أنه رغم قوة الاقتصاد، فمن المتوقع أن يبلغ عجز الموازنة هذا العام تريليون دولار وأن يتجاوز الدين العام 160% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050. وتحذر المجموعة من أنه «بحلول عام 2041، سيتجاوز الإنفاق على الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية والفائدة كل الإيرادات.
-الشعبوية الأوتوقراطية: لقد استولى الشعبويون الأوتوقراطيون على السلطة في بلدان مثل بوليفيا والبرازيل والمجر ونيكاراجوا والفلبين وبولندا وصربيا والولايات المتحدة، ودمروا الديمقراطية في عدة بلدان أخرى. وحتى وإن كان الشعبويون لا يدمرون الديمقراطية بحد ذاتها، فهم يحاربون الحكم الرشيد.
- الصين وروسيا: يعد «شي جين بينج» و«فلاديمير بوتين» بطلا العالم في الحكم المركزي، فقد ساعدت روسيا على انتخاب ترامب وتمرير البريكسيت، أما الصين فتمارس نفوذها من أستراليا إلى أفريقيا.
تلك هي قائمتي لأزماتنا الأكثر إلحاحاً. أما المشاكل الأخرى، مثل البنية التحتية المتداعية والأمن السيبراني والإرهاب وركود الأجور والرعاية الصحية المستعصية. ومن المحبط أن إحدى الأزمات القليلة في قائمتي التي حاول ترامب معالجتها هي المواد الأفيونية. ومع ذلك، فقد كتب 16 تغريدة عن المواد الأفيونية مقارنة بـ627 تغريدة عن الحدود، بينما تعامل مع التغير المناخي كمزحة.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»