أعلنت إدارة ترامب أول أمس الأربعاء أنها لم تعد تعترف بنيكولاس مادورو رئيساً شرعياً لفنزويلا، وأنها بدلاً من ذلك تقدم دعمها الرسمي لزعيم المعارضة «خوان جوايدو»، الذي تم انتخابه رئيسا للكونجرس الفنزويلي في وقت سابق من هذا الشهر. وقد أصبح جوايدو، 35 عاماً، ممثلا للاحتجاجات المناهضة لمادورو منذ تنصيب الرئيس الفنزويلي لولاية ثانية بعد انتخابات متنازع عليها على نطاق واسع. وفي حين أن الكيان المسؤول عنه جوايدو – الجمعية الوطنية التي تسيطر عليها المعارضة – يتمتع بقدر ضئيل من السلطة العملية، إلا أنه يُنظر إليه على نطاق واسع دولياً كرمز للديمقراطية.

وقد أعلن «جوايدو» نفسه رئيسا للبلاد يوم الأربعاء الماضي وسط احتجاجات ضخمة في الشوارع من قبل المعارضة أدت إلى مقتل شخص واحد على الأقل في منتصف اليوم. وقد يعزز الاعتراف من الولايات المتحدة قضيته –على الرغم من أنه من المرجح أن يقدم بعض التعقيدات الكبيرة للعلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا.
من جانبه، يرى «ديفيد بوسكو»، أستاذ مشارك في كلية الدراسات الدولية والعالمية بجامعة إنديانا، أن قرار الولايات المتحدة الاعتراف بجوايدو رئيسا شرعيا هو خطوة غير عادية قد يرى بعض الباحثين القانونيين أنها «محفوفة بالمخاطر».
وأضاف بوسكو أن «الحكومات في معظمها تتجنب القيام بمثل هذا النوع من الأمور. وتحاول الدول فقط الاعتراف بمن يدعي أنه الحكومة ومن لديه سيطرة فعلية على البلاد».
بيد أن هناك استثناءات –على الرغم من أنها مؤقتة بشكل عام وتحدث في حالات النزاع أو الانقلاب العسكري. فقد تم الاعتراف بطالبان كحكومة شرعية لأفغانستان من قبل عدد قليل من الدول، ورفض عدد من البلدان الاعتراف بحكومة جديدة تم تشكيلها بعد الانقلاب العسكري في هايتي عام 1991. وهناك حالتان حدثتا مؤخراً في منتصف حرب أهلية. ففي عام 2011، على سبيل المثال، اعترفت الولايات المتحدة بـ«المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا» كحكومة شرعية، على الرغم من حقيقة أن القوات الموالية لمعمر القذافي كانت لا تزال مسؤولة عن أجزاء كبيرة من البلاد. وهناك وضع مماثل حدث في عام 2014، عندما تم منح جماعات المعارضة السورية تمثيلاً دبلوماسياً في الولايات المتحدة. إن الاعتراف بـ«جوايدو» كرئيس سيكون له تأثير كبير على الكيفية التي يتناول بها المسؤولون الأميركيون لعلاقتهم مع نظرائهم الفنزويليين. وعلى وجه التحديد، قد يعني هذا أن الوجود الدبلوماسي لفنزويلا في واشنطن سيحتاج إلى تغيير، حيث أن الدبلوماسيين المعتمدين لن يمثلوا الحكومة المعترف بها بعد الآن. وقال بوسكو «من المفترض أن يكون لديك الآن المعارضة القادرة على تعيين أشخاص».
وقد يكون هناك أيضا تأثيرات اقتصادية كبيرة على المصالح الأميركية والفنزويلية. وعلى سبيل المثال، يمكن للولايات المتحدة الاستيلاء على الأصول التابعة للدولة الفنزويلية في البلاد وتحويلها إلى القوى الموالية لـ«جوايدو»، وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال «فرانسيسكو رودريجيز»، كبير الاقتصاديين في شركة تورينو كابيتال التي تتخذ من نيويورك مقرا لها، لصحيفة واشنطن بوست: إذا اعترفت الحكومة الأميركية بخوان جوايدو رئيسا، ستنظر المحاكم الأميركية إلى حكومته باعتبارها الوحيدة التي يمكنها إدارة الأصول. وأردف«يمكن أن يكون للحكومة الموازية قوة اقتصادية كبيرة». وستكون هناك أيضاً أسئلة مطروحة حول ما يحدث للدبلوماسيين الفنزويليين المعتمدين لدى الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن بعض الدول الأخرى قد اعترفت أيضا «بجوايدو» رئيسا مؤقتا، يحتفظ مادورو بدعم أعضاء رئيسين في الأمم المتحدة مثل روسيا والصين.

ومن غير الواضح ما تأثير اعتراف الولايات المتحدة بجوايدو على موقفه في فنزويلا-فقد أعرب بعض الخبراء عن قلقهم من أن هذا ربما يشجع مادورو على اعتقاله أو أن يؤدي إلى انقسام في السيطرة على البلاد. في عام 2011، قبل اعتراف الولايات المتحدة بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، قال هارلود كوه، الذي كان في ذلك الوقت مستشارا قانونياً لوزارة الخارجية، للكونجرس إن الاعتراف يمكن أحيانا أن يعفي الحكومات من مسؤولية الحكم. وقال«كقاعدة عامة، فإننا نتردد في الاعتراف بكيانات ليس لديها سيطرة كاملة على البلاد لأنها في ذلك الوقت تكون مسؤولة عن أجزاء من البلاد لا تسيطر عليها». واستطرد «ونحن نرفض استبعاد قادة ما زالوا يسيطرون على أجزاء من الدولة لأنك بعد ذلك تقوم بإعفائهم من المسؤولية في المناطق التي يسيطرون عليها».

*ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»

*كاتب متخصص في الشؤون الخارجية بصحيفة واشنطن بوست.