يعكف وادي السيليكون على البحث منذ سنوات عن انفراجة كبيرة تالية. والأنشطة الاقتصادية المبتكرة التي دُشنت منذ عقد من الزمن مثل أوبر وAirbnb أصبحت أخيراً تجني أموالاً وتتقدم نحو عمليات الطرح العام لأسهمها لكن بعد سنوات من المعارك الحامية مع الجهات المنظمة وتحديات تشغيل مكلفة. وهيمنة «فيسبوك» و«جوجل» و«آبل» و«أمازون» جعلت ظهور شركات ناشئة على الساحة أمراً صعباً. وتأثير التكنولوجيا الصاعدة القوية التي تحظى بإشادة كبيرة مثل الذكاء الاصطناعي وكتل البيانات المتسلسلة تميزت بتقدم تدريجي وليس بقفزات.
وبرغم هذه التحديات، فإن المجتمع في قلب موجة كبيرة من الابتكار، وهناك المزيد المرتقب. ويبدو أن شركات التكنولوجيا نجحت في وضع الهواتف المحمولة في يد الجميع وربطت الناس بمواقع التواصل الاجتماعي لكنها لم تبل بلاء حسناً بالقدر نفسه في إقناع الناس بالتسوق أو إجراء عملياتهم المالية من خلال هذه المنصات. فهناك خمسة في المئة فقط من إنفاق المستهلكين يجرى عبر الإنترنت.
وهذا يعني أننا في بداية انفراجة أو في «نهاية البداية وليس في النهاية». لكن خبراء التجارة الإلكترونية يشككون في احتمال انتقال كل التجارة إلى الإنترنت أو إلى الهواتف المحمولة، لأن المستهلكين يفضلون ببساطة التسوق بحضورهم المادي في المكان. كما أن شركات التكنولوجيا الشهيرة التي ظهرت في تسعينيات القرن الماضي، وفي العقد الأول من القرن الحالي، مثل «جوجل» و«فيسبوك»، وغيرها، ركزت على تبويب كميات هائلة من المعلومات لعرضها على الناس بوسائل أكثر كفاءة.
وهناك مجموعة جديدة من الشركات أصبحت تقدم الخدمات بالإضافة إلى هذا التبويب للمعلومات. فإذا كانت شركة زيلو Zillow، على سبيل المثال، قدمت تبويباً للعقارات، ويسرت المقارنة بينها، فإن مشروع أوبن دور Open Door الذي عمره خمس سنوات فقط يشتري ويبيع العقار الذي تريد. و«أوبر» لا تبوب السيارات المتاحة للسفر فحسب بل تستخدم الهواتف المتصلة بالإنترنت، والبرامج التي تمكنها من تحديد المكان، لتخلق أنواعاً جديدة من العمليات والقيمة في العالم المادي. وأصبح هناك شركات تقوم بدور التأمين والإقراض وتقديم الائتمان، وكانت مثل هذه الشركات حتى وقت قريب تنظم فقط المعلومات المالية.
وهذه الأنشطة الاقتصادية الممتدة من العالم الرقمي إلى العالم المادي واجهت تحديات هائلة في مسعاها لتخطي العالم الرقمي. ونموها أبطأ من الأنشطة السابقة، لأن خدماتها تتطلب دعماً لوجستياً كبيراً وكلفة تنظيمية كبيرة. ويؤكد إيفانز أننا ننتقل من نماذج اقتصادية لم تكن تحتاج الكثير من المال إلى نماذج اقتصادية تحتاج الكثير من رأس المال.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»